حكومة متعددة الأديان في قلب الإدارة الأمريكية

دينبريس
تقارير
دينبريس18 ديسمبر 2024آخر تحديث : الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 - 7:03 مساءً
حكومة متعددة الأديان في قلب الإدارة الأمريكية

دين بريس ـ سعيد الزياني
كشف الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن تشكيلته الوزارية الجديدة، والتي تحمل ملامح تنوع ديني غير مسبوق في تاريخ الإدارات الأمريكية الحديثة، ففي خطوة غير مألوفة لرئيس جمهوري، كسرت اختيارات ترامب النمط التقليدي لتركيز الهيمنة الدينية على قاعدة الإنجيليين المحافظين، لتشمل طيفا أوسع يضم الكاثوليك، البروتستانت بمختلف توجهاتهم، وأعضاء من ديانات أخرى لم تشهدها الحكومات السابقة.

وعلى رأس هذه الاختيارات يبرز اسم “سكوت بيسنت”، المستثمر المخضرم والمرشح لمنصب وزير الخزانة، والذي قد يكتب سابقة تاريخية بصفته أول عضو ناشط في الكنيسة الفرنسية البروتستانتية (الهوجونية) يصل إلى الحكومة الأمريكية، هذه الكنيسة التي عانت من الاضطهاد في فرنسا بالقرنين السادس عشر والسابع عشر، باتت رمزا تاريخيا نادرا في الولايات المتحدة.

“بيسنت، الذي يُعرف بانتمائه لهذه الكنيسة، سيكون أيضا أول شخص من مجتمع الميم يحظى بموافقة مجلس الشيوخ لتولي منصب رفيع في إدارة جمهورية.

في المقابل، يهيمن الكاثوليك على عدد من المناصب الرئيسية في حكومة ترامب، فنائب الرئيس المنتخب “جي دي فانس” والسيناتور “ماركو روبيو”، المرشح لوزارة الخارجية، يأتيان في مقدمة هذه الأسماء. روبيو، الذي مر بتحولات دينية بدأت من الكاثوليكية إلى ارتباط مؤقت بكنيسة المورمون، عاد لاحقا إلى الكنائس المعمدانية، ما يعكس التنوع داخل تجربته الروحية، كما برزت “لوري تشافيز-دي ريمر”، المرشحة لوزارة العمل، و”شون دافي”، المرشح للنقل، كجزء من الحضور المتزايد للكاثوليكية في التشكيلة الجديدة.

ولم يغب الحضور البروتستانتي ، وإن جاء متنوعا بين تقاليد متعددة، فقد اختار ترامب شخصيات بارزة مثل “كريستي نويم” لوزارة الأمن الداخلي و”سكوت تيرنر”، لاعب كرة القدم السابق والقس المشارك في كنيسة معمدانية، المرشح لإدارة وزارة الإسكان، ويعد “بيت هيجسث”، الإعلامي الشهير والمرشح لوزارة شؤون المحاربين القدامى، وجها مثيرا للجدل نظرا لمواقفه المحافظة واهتمامه بإحياء التعليم المسيحي الكلاسيكي.

وعلى نحو غير معهود في الإدارات الجمهورية، ضمت التشكيلة شخصيات تنتمي إلى ديانات غير مسيحية، مثل “تولسي جابارد”، أول هندوسية تُنتخب للكونغرس الأمريكي، رُشحت لتولي منصب مدير الاستخبارات الوطنية، بينما أعاد ترامب تسليط الضوء على الطبيب الشهير “مهدي أوز”، المرشح لإدارة برامج “ميديكير” و”ميديكيد”، والذي عُرف بتأثره بالتصوف الإسلامي خلال سنوات شبابه.

وفي الوقت ذاته، أظهرت التشكيلة ميولًا نحو توجهات روحية فردية بعيدا عن الطوائف التقليدية، فقد تحدث روبرت كينيدي الابن، المرشح لإدارة وزارة الصحة، عن صراعه الروحي وعودته إلى الإيمان بعد “صحوة روحية” تأثر فيها بأفكار الطبيب السويسري كارل يونغ حول دور الإيمان في التعافي، أما دوج بورجوم، المرشح لوزارة الداخلية، فأشار إلى دور تربيته الميثودية في تخطي أزمات شخصية واجهها.

ويثير هذا التنوع الديني تساؤلات عدة حول استراتيجية ترامب الجديدة: هل يسعى إلى استقطاب شرائح أوسع من المجتمع الأمريكي، أم أنه يحاول إعادة تموضع سياسي بعيدا عن القاعدة الإنجيلية التي اعتمد عليها بقوة في حملته الأولى؟

كما يطرح التساؤل الأهم حول تأثير هذه التركيبة الدينية المتنوعة على السياسات الداخلية والخارجية للإدارة الجديدة.

ما بين القيم الدينية المختلفة والخطاب السياسي، تبدو حكومة ترامب الثانية محاولة لرسم مشهد جديد يجمع بين الاستجابة للتحولات المجتمعية المتسارعة واستمرار العلاقة المعقدة بين الدين والسلطة في الولايات المتحدة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.