حزب العدالة ودموع التماسيح

دينبريس
2020-10-08T10:14:54+01:00
آراء ومواقف
دينبريس8 أكتوبر 2020آخر تحديث : الخميس 8 أكتوبر 2020 - 10:14 صباحًا
حزب العدالة ودموع التماسيح

نورالدين زاوش*
لا تتمعر وجوه قياديي حزب العدالة والتنمية، ولا تنتفخ أوداجهم عند المحطات الوطنية الفاصلة مثلما تنتفخ حينما تشعر هذه القيادات بأنها مستهدفة لفقدان مقاعد برلمانية، فلا صوت يعلو لديها فوق الصوت الرنان للكراسي البراقة، ولا حديث يسود في مؤسساتها سوى عن حديث الكعكة التي تزين رفوف الحياة الدنيا وليس لها في الآخرة من نصيب.

بمجرد أن توافقت الأحزاب السياسية الستة على اقتراح تغيير القاسم الانتخابي من اعتبار الأصوات الصحيحة إلى اعتبار الأصوات المسجلة، حتى رفع الحزب عقيرته إلى السماء، مُرْغِدا ومُزْبدا، مشكِّكا تارة في عدم دستورية الاقتراح ومهددا تارة أخرى، وكأن البلد قشة في مهب الريح يفعل بها ما يشاء، أو أنه رهينة لديه يرسو به حيث يشاء، هذا ما يفسر التصريح الغريب لسعد الدين العثماني بأن خسارة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات هو إساءة لصورة الديمقراطية في المغرب؛ فمتى كان وجه المغرب رهينا بانتصار حزب معين أو خسارته؟

إننا أمام براغماتية فاقت الوصف أو التوصيف، براغماتية تنهل من قاموس الدين إبان الحملات الانتخابية لتحسين فرص الفوز والاكتساح، وتنهل خارج هذه الحملات من قواميس الشعبوية والبلطجة لإرساء القوانين التي تساير ما تشتهيه أنفس قياديي “المشروع الإسلامي” وما تلذ به أعينهم، وليس في ذلك أدنى لوم عليهم ما داموا يؤمنون حتى الثمالة بأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

حينما تساءل السيد ادريس الأزمي: ما الدّاعي للقيام بالحملات الانتخابية وتمويلها بالمال العام لإقناع الناخبين بالمشاركة ما دامت الكلمة الفصل للعزوف؟ لم يكن تساؤله هذا يَنِمّ عن حكمة أو بصيرة أو نضج؛ لأن الداعي للقيام بذلك واضح وجلي، ألا وهو الضغط الجاد على الأحزاب من أجل أن تستنفر كل طاقاتها، وتجند كل وسائلها وإمكانياتها غرضا في التخفيف من وَطء العزوف وتقليص دائرة مقاطعة الانتخابات فلا يكون للعزوف دور أو تأثير.

حينما تفشل الأحزاب السياسية في تأطير المواطنين وفي التعبئة للمشاركة في الانتخابات؛ فهذا يعني أننا أمام فئات عريضة من الشعب غير راضية تماما عن أداء هذه الأحزاب، وحيث إن هذه الفئة لا تملك رؤية سوداوية تجاه الفعل السياسي من حيث المبدأ، وليس لديها موقف معاد للآليات الديمقراطية؛ وإلا ما كانت لتبادر إلى التسجيل في اللوائح الانتخابية، فمن المفروض والواقع كذلك، أن نتساءل بإلحاح صادق عما جعل هذه الفئات تنأى عن صناديق الاقتراع؟

إن الرغبة في التسجيل في اللوائح الانتخابية دون الرغبة في ممارسة حق الانتخاب يتحمل مسؤوليته الأداء السيئ للهيئات السياسية على اختلاف ألوانها وأشكالها؛ وبالتالي وجب أن يدفع ثمنه الجميع بلا استثناء؛ إلا أنه كلما كان الحزب قويا ومنظما كان وزره أكبر وأشد؛ لأنه من يحظى بدعم مادي أقوى وأعظم، ويحصل على تغطية إعلامية أوسع وأشمل، ويملك من الأدوات والآليات والإمكانيات ما ليس في مقدرة الجميع امتلاكه؛ وبالتالي فهو معني بتحمل وِزْرِهِ في العجز عن إقناع الناس بالعملية السياسية أكثر مما هو معني بذلك غيرُه. فلا يتباكى علينا، بعد هذا، حزب العدالة والتنمية إذا كان سيفقد من المقاعد البرلمانية أكثر مما سيفقده غيره، فمن يزرع الشوك لا يجني العنب، ومن يزرع الريح لا يحتج حينما يحصد الإعصار.
*عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.