أحمد الجابري
هناك جمعيات من المجتمع المدني متميزة تكاد أن تكون فريدة من نوعها تناضل من أجل الفئات المعوزة في المناطق النائية من المغرب، وبالخصوص سكان قرى ومداشر جبال الأطلس الكبير. ومن بين هذه الجمعيات تبرز “جمعية منتدى الشروق” التي أسست سنة 2009 من قبل زمرة من المتطوعين من خلفيات متنوعة ومتكاملة. تنشط هذه الجمعية في مجالات متعددة تشمل الثقافة والرياضة إلى جانب مشاركتها الفعالة والفعلية في التنمية الاجتماعية.
ولعل من أهم أهداف “جمعية منتدى الشروق” دعم المناطق التي تقع على الأرجح خارج تغطية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالرغم من توفرها على كل المؤهلات التي قد تجعلها وجهات جديدة للسياحة الايكولوجية. وفي هذا الصدد، شدت الجمعية صباح يوم السبت 2 نونبر 2024 الرحال إلى قرية “أكني” التابعة لجماعة “مزوضة” الريفية ضمن قافلة طبية ومساعدة إنسانية استمرت ليومين واستهدفت المئات من السكان بما فيهم قرية “كاطوس” المجاورة.
وقد عرفت هذه القافلة مشاركة أطباء عامين وأخصائيين في جراحة الفم والأسنان دأبوا منذ وصولهم إلى القرية على تقديم الرعاية والنصائح لـ 190 شخصًا -رجال وأطفال من مختلف الأعمار- توافدوا على المخيم الطبي منذ الساعات الأولى من صباح السبت. كما ساهم متطوعون من الجمعية في إدخال البهجة والسرور على الأطفال من خلال تركيب منصة ترامبولين و مزالق مطاطية قابلة للنفخ في فضاء خصص لهذه الغاية، في الوقت الذي احتضنت فيه مدرسة ابتدائية حصة توعوية وتحسيسية حول أهمية العناية بالفم والأسنان تلتها عملية توزيع فرش ومعاجين الأسنان على التلاميذ والتلميذات.
وحسب التصريح الذي أدلى به لنا السيد عصام فاضل، أمين مال “جمعية منتدى الشروق” وأحد مؤسسيها، عقب اختتام فعاليات القافلة الطبية عشية يوم الأحد 3 نونبر 2024 فإن العدد النهائي للمستفيدين من الفحوص الطبية (طب عام وأمراض الفم والأسنان) والأدوية قد تجاوز 400 شخصا في حين بلغ عدد الأسر المستفيدة من قفة المساعدات الغذائية 65 أسرة.
وبالحديث عن “مزوضة”، من منا يعرف أنها تعدّ معقلاً لإحدى القبائل الأمازيغية المتفرعة من “مصمودة”، القبيلة الأم التي شهدت تاريخًا حافلًا بالأحداث؟ وبيد أنه من المفروض أن يكون المرء على اطلاع بتاريخ بلده، هل يجب أن يلام على جهله أن هناك العديد من القرى والمداشر المغربية تعاني من الفقر المدقع؟ من المؤكد أنه ليس بإمكان وسائل الإعلام تغطية كل المشاكل وتسليط الضوء على الواقع المر الذي تعيشه القرى المهمشة من فقر وبطالة وهدر مدرسي وصعوبة التزود بالماء الشروب والحصول على الخدمات الطبية وغيرها من المشاكل التي تؤرق مضاجع ساكنة تلك المناطق.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: ألا تقتضي مهام المنتخبين تنوير الرأي العام حول مثل هذه الأوضاع المزرية والدفاع عن مصالح وحقوق منتخبيهم المشروعة؟ تواجد مثل هذه القرى المعزولة والمعوزة بكثرة في المغرب والتي تشكل نماذج حية للاختلالات التي تحول دون تحقيق ما يصطلح على تسميته “بالعدالة المجالية” حدا بزمرة من المحسنين والمناضلين إلى تأسيس هذه الجمعية التي دأبت منذ نشأتها على القيام بسلسلة من الأنشطة والحملات والمبادرات لدعم الفئات المجتمعية الأكثر هشاشة.
وبالرغم من استنزاف مواردها الخاصة، فإن “جمعية منتدى الشروق” التي لا تتراجع أمام أي عائق، تستحق الاحترام كما أنها بحاجة إلى دعم كل المنظمات غير الحكومية والمحسنين الراغبين في المساهمة الفعلية في فك العزلة عن المناطق المغربية النائية ومكافحة الفقر والإقصاء بشتى أنواعه حتى لا تنطبق عليها العبارة الإنجيليّة “لا كرامة لنبي في قومه”.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=21134