تقدم المغرب في مجال مكافحة الإرهاب

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس27 مارس 2023آخر تحديث : الإثنين 27 مارس 2023 - 7:30 مساءً
تقدم المغرب في مجال مكافحة الإرهاب

الدكتور خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية
وضع مؤشر الإرهاب العالمي الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام دولة المغرب في خانة البلدان ذات التهديد الإرهابي المنخفض جدا، باحتلاله الرتبة 83 عالميا، على اعتبار أن الدول التي تحتل المراتب الأولى هي الأكثر تهديدا.

وقد وتمكنت المملكة ضمن هذا المؤشر من كسب 7 مراتب مقارنة بالسنة الماضية التي حلت فيها في الرتبة 76 دوليا ، ما يفسر أن المغرب قام في السنوات الأخيرة بجهود كبيرة ساهمت في الحد بشكل كبير من مخاطر الجريمة الإرهابية ، بفضل استراتيجيته الوطنية الشاملة في هذا المجال .

هذا مع العلم أن أفراد قوات الأمن المغربية تشارك في سلسلة من البرامج لتحسين القدرات التقنية والتحريات، خاصة التحقيقات المالية وتحليل المعلومات الاستخباراتية والأمن السيبراني، وأمن الحدود الذي ظل أولوية مطلقة للسلطات المغربية، كما أصبح المغرب “حليفا رئيسيا خارج الناتو” ، وعضو في شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء، وشريك أساسي في بلورة السياسة الدولية لمكافحة الإرهاب، حيث يترأس بشكل مشترك مع كندا المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ويستضيف سنويا مناورات الأسد الإفريقي، ويحتضن إجتماع فريق العمل الدولي المعني بمكافحة الإرهاب، ومنخرط في دينامية التعاون الأمني الدولي والإقليمي لمكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية التي مكنت الدول الأوروبية مثل إسبانيا وفرنسا وبلجيكا من الوقاية وتفادي وقوع عمليات إرهابية تستهدف أمنها واستقرارها.

فلما كان الإرهاب ظاهرة عالمية ذات تداعيات إقليمية ومحلية، صار المغرب هو أيضا معرضا للمخاطر والتهديدات عبر الوطنية التي يمثلها تزايد الإرهاب والجريمة المنظمة وانتشار الفكر المتطرف و العنيف، الأمر الذي جعل الأجهزة الأمنية ببلادنا تنهج سياسة يقظة واستباقية في محاصرة الظاهرة ، عبر خطة استراتيجية ترتكز على عدة آليات وعناصر، لاسيما التنسيق الدائم والمستمر بين مختلف الأجهزة الأمنية ومختلف المتدخلين وجمع المعلومات والعمل الاستباقي في مجال التعرف على الحيثيات والبيئة الحاضنة وكذلك المؤهلة للاستقطاب والتجنيد ، حققت نجاحات متتالية ، جعلها نموذجا يحتذى به في دول منطقة الساحل بأفريقيا، ولقيت إشادة واسعة من عدة دول على غرار الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا مرورا بمنظمة الأمم المتحدة .

وإذا كنا نتفهم حجم وخطورة التهديدات الارهابية وأهمية المقاربة الأمنية، والتي تستدعي اتخاذ تدابير استباقية وآنية لمكافحة الإرهاب والتصدي للتنظيمات المتطرفة، الداعية إلى العنف وإلى الكراهية و الحاضنة للفكر الارهابي ، فإن ذلك ينبغي يكون مقرونا بالمقاربات الأخرى ، والتي لم تغفلها الاستراتيجية المغربية في هذا المجال ، حيث تأخذ بعين الاعتبار البعد التنموي الاقتصادي والاجتماعي ، والبشري، والديني وفق قيم المبادئ الإسلامية المعروفة بالتسامح والاعتدال والوسطية ، حيث تظل هذه الأبعاد ضرورية و أساسية لنجاح السياسة الأمنية في مجال مكافحة التطرف و الارهاب، مع مواصلة الإصلاحات التي شرع فيها المغرب منذ سنوات لتعزيز الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان والتنمية في شمولها ، و التي تكرست من خلال مضامين التقرير المتعلق بالنموذج التنموي الجديد .

فالاستراتيجية الأمنية متعددة الأبعاد التي ينهجها المغرب في مجال مكافحة التطرف العنيف و الجريمة الإرهابية صارت تواكب العصر، نظرا لما يشهده العالم من تقدم في مجال التكنولوجيا الحديثة والإعلام الرقمي ، وأيضا من مخاطر و تهديدات الجريمة الالكترونية أو السيبرانية ، التي قد توفر البيئة الملائمة لانتشار الفكر المتطرف المؤدي إلى ارتكاب الفعل الإرهابي ، وتساعد على استقطاب الشباب خاصة من قبل تنظيمات إرهابية .

ولذلك ، فإن المغرب أصبح فاعلا محوريا في مجال مكافحة الإرهاب في أوروبا وأفريقيا منذ أن طورت المملكة عام 2003 نهجا متعدد الأبعاد لمحاربة الإرهاب ، تعزز ذلك بإحداث المكتب المركزي للتحقيقات القضائية في مارس 2015 الذي يؤدي دورا مهما ورئيسا في مكافحة الجريمة الارهابية و الجريمة المنظمة .

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.