الدكتور حمزة النهيري
“ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن”
الجدل هو فن من فنون الحوار و المناقشة، وهو علم يعنى بالدفاع عن الأدلة من خلال تبادل الأسئلة والأجوبة بغية إلزام الخصم بخلاف ما يعتقده ويقرره، والجدل من لوازمه الخصومة والشنآن، لذلك نبه الله المسلمين على سلوك منهج الحوار بالتي هي أحسن مع أهل الكتاب حتى لا تجر الخصومة الدينية إلى إلزام المخالف مالا يلزم، والآية لا مفهوم لها، فلا يقصد منها أن غير أهل الكتاب يجوز مجادلتهم بغير التي هي أحسن..
بل هو منهج حجاجي جدالي عام ينبغي سلوكه في كل وقت وحين غير أنه في مجال الجدال والحوار الديني يتم التأكيد عليه، فمهما أوتيت من حجة فإنك لست ملزما بتغيير عقائد الناس وأديانهم، والجدل في العقائد يختلف عن الجدل الفقهي، وكلاهما معنيان بمراعاة الضوابط الأخلاقية والاستدلالات العلمية الرصينة، ومحاولة تدبير الخلاف من خلال التدريب على استيعاب الأقاويل المختلفة والأطاريح المتشعبة.
“ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات”
وقد تميز علم الكلام تاريخيا بكونه علما تضمن قواعد الجدال على مستويين اثنيين:
المستوى الأول متعلق بنقد الأديان
المستوى الثاني متعلق بمناقشة العقائد التي ينتسب أهلها للإسلام.
وإن كانت مهمة يجب إسنادها إلى علم العقائد أو علم الكلام الجديد فهي الاستجابة إلى نظرة إسلامية جديدة للأديان كما يستوجب على عالم العقائد اليوم محاربة الغلو العقائدي الذي ينتج الطائفية البغيضة، من خلال التحريض على شخصيات علمية تاريخية ـ لها ماكسبت وعليها مااكتسبت ـ أوالترويج للطائفية من خلال الظهور بمظهر المدافع عن العقائد الإيمانية.
وأنا أعتقد أنه لاخوف على الإسلام من الأديان المختلفة والمدارس العقائدية، بقدر مايخاف عليه من الطائفية والعقائدية المنحرفة التي تعتمد على إذكاء الخلافات ومحاكمة عقائد الناس بمنهج إقصائي اجتزائي ظالم غير عادل.
ققوله تعالى: “لا إكراه في الدين” يلزم منه عدم الاكراه في العقائد. وقوله تعالى: “لكم دينكم ولي دين”، إقرار إلهي قطعي بحرية الناس المطلقة في انتحال أديانهم ومعتقداتهم وضمان أحقيتهم في المحاججة عنها بالتي هي أحسن.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=12034