16 أبريل 2025 / 22:43

بعد قرون من الصمت.. الكنيسة الأنجليكانية تعترف بتورطها في العبودية

شاركت الكنيسة الأنجليكانية، يوم الاثنين 14 أبريل 2025، في فعالية أممية رفيعة عقدت ضمن أعمال منتدى الأمم المتحدة الدائم لشؤون المنحدرين من أصل إفريقي، لمناقشة العدالة الجبرية والمساءلة المؤسسية إزاء الإرث الثقيل لتجارة الرقيق، في وقت تتعالى فيه الدعوات العالمية لمحاسبة المؤسسات الدينية والمالية المتورطة في الجرائم الاستعمارية.

وجاء هذا اللقاء الذي احتضنته نيويورك، بمشاركة دول مثل كينيا وباربادوس وغانا وجامايكا، ليضع الكنيسة الإنجليزية أمام استحقاق تاريخي طال تأجيله، وسط اعترافات صريحة بتواطئها الأخلاقي والمؤسسي في تجارة العبيد عبر الاستثمار، والصمت، والتبرير اللاهوتي.

وأقرّ رئيس أساقفة يورك، ستيفن كوتريل، خلال كلمته الافتتاحية، بتورط الكنيسة “في الصيد الوحشي للبشر واستعبادهم”، معترفا بأن المؤسسة الدينية كانت شريكا فعليا في أنسنة الشر، من خلال صكوك الاستعباد الدينية والمالية، واستثمارات مباشرة في شركات استعمارية مثل “شركة البحر الجنوبي”.

وقال: “نحن في الكنيسة صُدمنا بالحقيقة… وعلينا الاعتراف بأننا كنا صيادين لا نسمع صرخات المظلومين”.

وانتقد كوتريل استعمال ما يُعرف بـ”الكتاب المقدس للعبيد”، وهو نسخة مُنقحة عمدا من الكتاب المقدس، جرى فيها حذف نصوص التحرير، مثل سفر الخروج، بهدف تدجين العبيد لاهوتيا وتطبيع الاستعباد دينيا.

وبينما أطلقت الكنيسة، في وقت سابق، ما وصفته بـ”رحلة توبة وتغيير”، التزمت فيها بإنشاء صندوق استثماري بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني مخصص لمبادرات العدالة الجبرية والتنمية المجتمعية، اعتبر مراقبون أن هذا الاعتراف المتأخر لا يُلغي قرونا من الصمت والتربّح من المأساة الإفريقية.

ورغم أن رئيس أساقفة كانتربري سبق أن قدّم اعتذارا رسميا عن تورط الكنيسة في تجارة الرق، إلا أن الأصوات المنحدرة من المجتمعات المتضررة طالبت بأن لا تكون الكنيسة هي من يحدد شكل “الكفّارة”، معتبرين أن الاعتراف وحده لا يُحقق العدالة، ولا يجوز اختزاله في خطاب روحاني بلا تبعات سياسية ومادية ملموسة.

واختتمت الفعالية بنداء جماعي للمؤسسات الدينية والمالية الدولية لمواجهة مسؤولياتها التاريخية عن الجرائم المرتبطة بالاستعباد والتطهير الثقافي والاستعمار، في لحظة اعتُبرت “اختبارا لصدق الالتزامات الأخلاقية” في ظل تزايد خطاب الكراهية، والعنصرية، والهيمنة.

ومن المقرر أن يُختتم البرنامج بسلسلة من الصلوات والتأملات في النصب التذكاري “تابوت العودة” بمدينة نيويورك، تخليدا لذكرى ملايين الضحايا الأفارقة الذين قضوا تحت نير العبودية الاستعمارية.