الولاء التاريخي لأعيان وشرفاء وعلماء وفقهاء الريف المغربي للملوك العلويين (3)

نموذج فرقة أولاد الحاج بالريف الشرقي

دينبريس
دراسات وبحوث
دينبريس20 يناير 2025آخر تحديث : الإثنين 20 يناير 2025 - 5:13 مساءً
الولاء التاريخي لأعيان وشرفاء وعلماء وفقهاء الريف المغربي للملوك العلويين (3)

عبد السلام أندلوسي ـ أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل

الحلقة الثالثة:

كنا في الحلقة الماضية قد وقفنا عند تقاطع روايات كبار السن من أفراد العائلة، سواء من لا يزال منهم على قيد الحياة أو من غادرها، حول معطيات واردة في مصادر تاريخية جيدة الاطلاع، تتحدث عن شخصيتين قياديتين مهمتين من رأس كبدانة، وكان ولاؤهما لسلاطين الدولة العلوية الذين عيّناهما للسهر على حكم وأمن كبدانة.

يتعلق الأمر بالشريف سيدي البشير بن محمد بن أحمد المرابط الكبداني، الذي عاصر كلا من المولى محمد الثالث بن عبد الله (1757-1790)، والمولى سليمان (1797-1822)، والمولى إسماعيل (1672-1727). وسيدي محمد بن البشير بن محمد بن أحمد المرابط الكبداني (نجل سيدي البشير)، الذي عايش فترة حكم السلطانين: المولى الحسن الأول (1873-1894) والمولى سليمان (1797-1822).

إن هذه المصادر التاريخية، حينما تتحدث عن هذين القائدين وعن جدهما (جدنا) الشريف سيدي أحمد، الذي، بحسب روايات أفراد العائلة المشار إليهم أعلاه، يُعدّ أول أفراد هذه السلالة الإدريسية الشريفة ممن خرجوا من زرهون بقصد الاستقرار في رأس كبدانة، تجمع على وصف كلٍّ منهما بكلمة ‘المرابط’، التي ترادفها في الأمازيغية الريفية مفردة ‘أمرابض’، وهي جمع ‘إمرابضن’، أي المرابطون، من ‘المرابط’، ولا علاقة لها بمرابطي الدولة المرابطية. وفي ‘معلمته’، الموسوعة، نقرأ للمؤرخ سيدي حسن الفكيكي أن ‘أمرابض’ يُصاغ في الأمازيغية مفردا، كما يُصاغ ‘إمرابضن’ جمعًا.

ويُستعمل اللفظ بمعنى الرجل الصالح أو المنتسب إلى الشرف. ولذلك عُرفت بهذا الاسم عدة أسر في منطقة الريف، وبه نُعِتَتْ مجموعة من المداشر والقبائل الريفية. وفي مقدمتها كبدانة، التي، كما تؤكد المعطيات الرسمية الإدارية، تتشكل من تسع فرق أساسية، من ضمنها فرقة ‘إمرابضن’، التي تُعرف أيضا باسم فرقة ‘يات الحاج’، أي ‘أولاد الحاج’، وهي الفرقة التي ينتمي إليها أجدادنا، وفي مقدمتهم القائدان: سيدي البشير بن محمد بن أحمد المرابط الكبداني، وسيدي محمد بن البشير بن محمد بن أحمد المرابط الكبداني (نجل سيدي البشير).

وللإشارة، فإن مصادر تاريخية أخرى تربط بين مفردة ‘المرابط’ واستقرار عدد من الأسر المرابطية بقبيلة بني ورياغل، إلى درجة أن من بين أخماس القبيلة خُمسا باسمهم.

ووفقا لما ينقله الدكتور حسن الفكيكي في ‘معلمته’ عن البادسي والكتاني، فإن اسم ‘إمرابضن’ يُطلق حاليا كذلك على فرقة معروفة بقبيلة بني ورياغل، تتألف من خمسة عشر مدشرا، موزعة على المنحدرات الممتدة على طول الضفة اليمنى لوادي غيس، ما بين وادي ‘الحد’، رافد غيس، وخندق ‘أكزان’، عند حدود فرقتي أيت يوسف وبني بوعياش.

ويعود وجود اسم ‘إمرابضن’ إلى الأسر المنحدرة من سلالة الشيخ إسحاق بن مطهر الورياغلي، المعروف بالأعرج، والمتوفى عام 1284/683 هـ.

وكان قد انتقل من سبتة وقصد بني ورياغل، ونزل بجبل حمام على وادي غيس عند مدشر بني ملوك. ومن هناك تكاثر أفراد أسرته، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن موسى الورياغلي، الذي استقر في ‘أغيل أيرور’، ومن هناك انتشر المرابطون الغلبزوريون.

ومن أبناء هذه الأسرة السيد عيسى بن عبد الكريم، صاحب الزاوية المعروفة باسمه، وأبو بكر بن عمر، المتوفى عام 1080/1669 م.

ويؤكد المؤرخ الدكتور حسن الفكيكي أن أصول جدنا سيدي البشير بن محمد بن أحمد المرابط الكبداني تعود إلى جماعة المرابطين ذات الأصل الإدريسي، المنتسبة لفرقة أولاد الحاج برأس كبدانة، المعروف اليوم برأس سيدي البشير. ويوجد ضريحه بمقبرة الرأس، حيث رفات أسلافه، غير بعيد عن مسجد جنادة ببرج كبدانة.

وللتعرف أكثر على هذه الشخصية التاريخية المهمة، التي اقترن اسمها في الوثائق والمصادر التاريخية بمسجد/ مركز المراقبة والحراسة/ رأس سيدي البشير، لا بد من التعرف على هذا الموقع، الذي تربطه تلك المصادر والوثائق بلفظ ‘جنادة’، أو رباط كبدانة.

فما دلالة/ دلالات هذين التعبيرين؟

في الحلقة القادمة، إن شاء الله تعالى، سيكون لنا موعد للإجابة عن هذا السؤال. والله ولي التوفيق.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.