المرأة المغربية والاستعداد لرمضان الفضيل

(جهد مشكور وعمل مأجور)

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريسمنذ 6 ساعاتآخر تحديث : الإثنين 24 فبراير 2025 - 2:29 مساءً
المرأة المغربية والاستعداد لرمضان الفضيل

د. يوسف الحزيمري
المرأة المغربية عزيز عليها شقاء المنزل، الموروث لها أما عن جدة، فما إن يدخل شهر شعبان حتى تجدها مشمرة عن ساعدها، قالبة المنزل رأسا على عقب، تبتدأ بالمطبخ فتغسل جميع الأواني وتلمعها بالمادة البيضاء، وعندما تنتهي تأتي على جميع المنزل بالتخمال والتصبين والتجيير، ثم تنتقل إلى إعداد ما لذ وطاب من الشهيوات التي تعرض على مائدة الفطور والسحور ومن أشهرها الشباكية والسفوف.

وفي خضم هذه الاستعدادات تكثر من الخروج إلى السوق لاقتناء الحاجيات الضرورية لرمضان من مأكل ومشرب وملبس، فيكثر الطلب وترتفع أسعار المواد الغذائية وغيرها.

وتمتلأ الثلاجة والخزانات بالخيرات، حتى يستهل شهر رمضان وكل شيء عندها مدخر، لتربح شيئا من الوقت تتفرغ فيه للعبادة وتلاوة القرآن، ولا تنسى المرأة المغربية أمها وأخواتها وجيرانها المحتاجين من التذويقة، وكذا المساهمة في إعداد قفة رمضان للمحتاجين.

لا شك أن رمضان شهر العبادة والقرآن، وفيه يرتفع المنسوب الإيماني للمسلم، وما تقوم به المرأة المغربية في منزلها لا يؤثر على هذا المنسوب بل يزيده قوة، لأن المرأة مسؤولة في بيتها وراعية له، وكل راع مسؤول عن رعيته، فإذا كانت النية خدمة الزوج والأولاد ومساعدة الأمهات، وتعظيم قدر رمضان، فكل عمل تقوم به تنوي به ذلك فهي في عبادة.

وعليه فالمرأة المغربية تجمع بين العمل الدنيوي الذي يتمثل في تدبير الحياة المنزلية للأسرة والعائلة، والعمل الأخروي في اغتنام أجر رمضان المبارك. فلله درها وجهدها في جعل الحياة الزوجية سهلة لينة وسعيدة.

ومن ثم فعلى الأزواج والإخوان والأبناء أن يقدروا مجهود زوجاتهم وأخواتهم وأمهاتهم، وأن لا يبخلوا عليهن بالشكر والثناء العطر والدعاء لهن بالخير، فهذا الأمر يرفع من معنوياتهم ويدفعهن إلى مزيد من العمل والاجتهاد، وأن لا يعيبوا لهن طعاما، ولا يبخسوا لهن عملا مهما كان، ويبتعدوا عن العبارة المسمومة (آش قايالا تعمل أو آش عملتي في هاذ النهار)، ولا بأس بمساعدتهم بالتسوق وعمل المنزل، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روت عائشة رضي الله عنها في الصحيح: (يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج فصلى)، والحديث كما قال ابن بطال في شرحه، فيه: أن الأئمة والعلماء يتولون خدمة أمورهم بأنفسهم، وأن ذلك من فعل الصالحين. وهذا ما فهمه الإمام القشيري رحمه الله من قوله تعالى: {وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِلۡمُؤۡمِنِينَ} [الحجر: 88].

قال المهلب: هذا من فعله، عليه السلام، على سبيل التواضع وليسُنَّ لأمته ذلك، فمن السنة أن يمتهن الإنسان نفسه فى بيته فيما يحتاج إليه من أمر دنياه وما يعينه على دينه، وليس الترفه فى هذا بمحمود ولا من سبيل الصالحين.

إن العادات والتقاليد المغربية في الاستعداد لشهر رمضان الفضيل والتي تختلف من منطقة إلى أخرى وتشترك في كثير من الأمور لهي من تعظيم قدر هذا الشهر المبارك الفضيل، فعلى الجميع اغتنام هذه البركة والفضل، والإقبال على الله بتوبة نصوح، وعيون دامعة على ما فرطنا في جنب الله، فالغفلة قتالة تردي بصاحبها إلى المهاوي السحيقة، والإعراض عن ذكر الله يؤدي إلى المعيشة الضنك والعياذ بالله.

فالواجب في هذا الشهر صحبة القرآن الكريم ليلا ونهارا، والتخلق بأخلاقه، وتدبر آياته وفهم معانيه، والعمل بما فيه امتثالا لأوامره واجتنابا لنواهيه، ولا يكون ذلك إلا بمرافقة الصالحين وحضور مجالس الذكر معهم، ألا ترى أن الله أرسل اثنين وعززهما بثالث تشديدا وتقوية لأمر التبليغ والرسالة.

ونعود إلى المرأة المغربية الديّنة الخيّرة، ونقول لها أن لا تنغمس في المطبخ بالكلية، وتنسى اغتنام نفحات رمضان وبركاته، فحافظي على وردك القرآني، واعملي على تعلم وتدارس الأحكام الفقهية الخاصة بالمرأة في رمضان وما يتصل بها من ذلك، فالله يعبد على علم.

وختاما نسأل الله تعالى أن يبارك لنا في شعبان ويبلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين، ولا فاتنين ولا مفتونين، وأن يجعلنا ممن يصوم نهاره إيمانا واحتسابا، ويبيت ليله سجدا وقياما، وأن يجعل اللهم ما تقوم به أمهاتنا وأزواجنا و وبناتنا وأخواتنا في ميزان حسناتهم، وأن يزيد بذلك إيمانهم ويرفع مقامهم ودرجاتهم آمين والحمد لله رب العالمين.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.