20 يونيو 2025 / 14:49

الفن والتاريخ في سياق المقاومة الوطنية: بوصوف يسلط الضوء على دور الإبداع في معركة التحرر

في إطار الندوة الوطنية التي نظمتها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير تحت عنوان: “الفن والتاريخ: المقاومة الوطنية أفقًا للتفكير”، ألقى الدكتور عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، محاضرة علمية بعنوان: “دور الفن في المقاومة الوطنية”، وسط حضور نوعي من باحثين ومهتمين بتاريخ المغرب الثقافي والسياسي.

وفي كلمته، أبرز الدكتور بوصوف أن المقاومة المغربية لم تكن فقط فعلًا عسكريًا أو سياسيًا، بل كانت كذلك حركة ثقافية فنية، استثمرت كافة أشكال التعبير الفني لمواجهة الاستعمار الفرنسي والإسباني، وتغذية الروح الوطنية في الوجدان الشعبي.

وقال إن الفن، باعتباره لغة عالمية، لعب دورًا جوهريًا في إعادة تشكيل الهوية الجماعية، ونقل رسائل المقاومة بطريقة غير مباشرة لكنها فعالة، مشيرًا إلى الأدوار التي اضطلع بها الزجل، الملحون، الأغنية الشعبية، اللوحة التشكيلية، المسرح، والخطابة الفنية، في مواجهة آلة الاستعمار.

واستعرض المحاضر، عبر وثائق وشهادات، كيف تحوّلت الأغنية الشعبية مثلًا إلى وسيلة لتكريس الولاء للعرش الشرعي، وكيف تم توظيف الشعر الشعبي في التعبير عن رفض الاحتلال وتغذية الأمل بالتحرير، مستشهداً بأمثلة من فنون الزوايا، والأهازيج البدوية، وفن الملحون في المدن العتيقة.

كما توقف بوصوف عند ما اعتبره “الرسالة الخفية للفن”، حيث كانت الأعمال الفنية تعبر عن موقف سياسي دون الحاجة إلى تصريح مباشر، وتقوم بدور تعبوي وتوثيقي، بل وتربوي، في فترات ساد فيها القمع والمنع.

وأضاف أن توظيف الفن في المقاومة لم يكن عفويًا أو عابرًا، بل نابعًا من وعي جماعي بضرورة صيانة الذاكرة الثقافية للمغاربة، وضمان استمرارية رموزهم الوطنية في مخيالهم الشعبي، مثلما حدث في ظاهرة “رؤية محمد الخامس في القمر”، والتي وصفها بوصوف بأنها “إبداع شعبي يختصر علاقة المغاربة العاطفية بالسيادة والحرية”.

وقد دعا الأمين العام لمجلس الجالية في ختام محاضرته إلى ضرورة إعادة قراءة تراثنا الفني في سياق تاريخي ووطني جديد، مؤكدا على أن التاريخ لا يُقرأ فقط من الوثائق، بل أيضا من الأغاني، اللوحات، الحكايات، والزخرفة.

وقد لقيت مداخلة الدكتور بوصوف تفاعلًا كبيرًا من المشاركين، معتبرين أنها فتحت أفقًا جديدًا لفهم المقاومة ليس فقط كمقاومة بالسلاح، بل كمقاومة بالفكر والخيال والإبداع.