7 أغسطس 2025 / 10:22

الجهاديون والميل نحو النيوليبرالية

محمد تركي الربيعو. باحث سوري 

في السنوات الماضية، كانت هناك قناعة لدى بعض الباحثين بان الجهاديين هم اشخاص معولمون. واليوم، تؤكد الاتفاقيات الاخيرة المتعلقة بالاستثمارات في سوريا أن _”أبناء الجهاد” سابقاً_ هم من اكثر الفاعلين ميلا نحو النيوليبرالية، التي، وللمفارقة، كانت الأساس الذي استندوا اليه في مواجهة العالم.

فعلى سبيل المثال، معظم الاتفاقيات الموقعة اليوم في سوريا تتعلق ببوليفارد، منتزهات، فنادق، مترو… وكأن سوريا في ألف خير، وكل ما تحتاجه هو الاكتفاء بالرؤية العمرانية النيوليبرالية.

قد يقول البعض أن تركيا قامت بذلك ونجحت، لكن هذه القراءة غير دقيقة كما أظن. أولا، لان تركيا عندما بدأت مشاريعها كانت تستند إلى وجود مؤسسة ضخمة، وثانيا، لأن النجاح هناك بدأ في البداية على صعيد الخدمات، وهو ما نفتقده في سوريا اليوم، لأسباب واقعية، وأيضا بسبب غياب رؤية واضحة، والافتقار للخبرات.

ثم، إلى أين قاد المشروع النيوليبرالي التركي في النهاية؟ لقد ادى الى انقسام مدينة مثل اسطنبول إلى عالمين، وأحيانا إلى “إسلامين”: إسلام باشاك شهير مقابل إسلام الفاتح، مثلا. وثالثا، المشروع النيوليبرالي الاسلامي التركي أدى في النهاية الى تحول أردوغان إلى سلطان/ شخصية سلطوية.

للأسف، كثيرا ما يجري الحديث عن الاستثمارات، لكن نادرا ما نسمع خطابا من الدولة يدعو للحذر والتمهل من سياسات اعادة تصميم المدن. وعندما يقدم احدهم قراءة مختلفة حول إعادة إعمار البلاد، أما يقال له إنه يحلم، أو إنه لا يرغب بتقدم البلاد.

بكل الأحوال، الحلم بحد ذاته أمر جيد، والتدرب على تخيل شكل المدن السورية امر ضروري في الفترة القادمة، لعله يحد قليلا من الرؤية العمرانية النيوليبرالية القادمة. مع أنه ينبغي أن نعترف أيضا بأن أحلام شرائح واسعة من السوريين اليوم لا تتعدى تأمين ربطة خبز إضافية، أو ثمن وجبة غداء ليوم الغد.

المصدر: صفحة الكاتب على فيسبوك:

https://www.facebook.com/share/1Ap8Ri2F7C/