7 يوليو 2025 / 10:12

الجدل المفتوح حول حرية الإبداع من أولاد حارتنا إلى مهرجان موازين

إيمان اليعقوبي

تصادفت حفلات موازين التي كتبت عنها تدوينة من قبل، مع قراءتي لرواية “أولاد حارتنا” لنجيب محفوظ. وإضافة لقراءة الرواية فإني اهتممت بالاطلاع على ما أحدثته من لغط وصراعات فكرية بعد صدورها. ولأنني أعلم ما تصدره بعض الكتابات من جدل، فإنني أختار التأخر في قراءتها، حتى أكون في منأى عن كل اللغط حولها وأشكل وجهة نظر شخصية، متجردة وذلك باعتماد النضج الذي يراكمه المرء بفضل المسافة الزمنية التي يتركها، مع بداية كل أمر، وهو في هذه الحالة صدور الكتاب.
باختصار، فإن ردود الأفعال حول روايته، وخصوصا بعد صدور رأي الأزهر، في شخصي السيد سابق، والغزالي، اللذان لا أعرف عنهما إلا كونهما متنورين بما يكفي، ليقدما حكما جيدا حول ما قدمه نجيب محفوظ. خصوصا، وأنهما كانا عالمين أزهريين، لكنهما كانا أديبين.
ردود الأفعال حول عمل محفوظ بصفته عملا فنيا، هي نفسها التي تتكرر حول بعض ما تم تقديمه في موازين من طرف من يسمون أنفسهم “مدافعين عن الفن والإبداع”. رأيهم يتمحور حول فكرة حرية الإبداع المطلقة، وهي فكرة أساسها الأكبر الدفاع عن العمل الفني حتى وإن كانت بعض الأعمال مجردة من الأخلاق. بعضها يصل لمرحلة التجرد من الفكرة في حد ذاتها، والبعض الآخر يتجرد من المقدس أو يواجهه ويتجرأ عليه.

عض المدافعين عن هذا الأمر، لا ينفون عن أنفسهم صفة محاولتهم الإطاحة بالمقدس كونه السبب في عدم التقدم، أو ما يصطلح عليه بالرجعية. لكنهم يواجهون إسقاط المقدس بإصباغ صفة القداسة على العمل الفني، حتى يصبح غير قابل للنقد.

بناء على فكرة الدفاع عن حرية الإبداع والفن، بصفتهما حرية للفكر، فإنهم يصادرون حرية الفكر التي تؤدي لنقد العمل الفني. أي أن حرية الفكر والإبداع مقتصرة حصريا على تقديس الفن أيا كانت الفكرة منه. يعني أنهم بالتالي يرفعون صفة القداسة عن الفكرة والغاية، والهدف من العمل، ليضعوا الفن في موقع القداسة.

بصيغة أخرى فإن القداسة في الفكرة يتم مواجهتها من خلال تقديس الوسيلة وليس الهدف والغاية من الوسيلة، وذلك إذا اعتبرنا الفن وسيلة للتعبير لا غاية في حد ذاته. هؤلاء يستعملون نفس أسلحة من يدعون محاربتهم، لكن من خلال تبني صيغة التجريد سواء من الفكرة في حد ذاتها أو الأخلاق عموما.