التخاطب الديني بين خُلق الفاعلية وخَلق الباعثية

30 نوفمبر 2025

محمد أكعبو ـ مرشد ديني بالصويرة، باحث في الخطاب والإعلام الديني
بفضل مشروع خطة تسديد التبليغ؛ صار الفاعل الديني المدني أكثر وعيا بالتخاطب الديني من ذي قبل، ذلك أنه بعد مرور عامين تقريبا من انطلاقة المشروع  ـ استوعب الفاعل الديني المدني ـ بيئة وسياق ومنطلقات هذا التخاطب ومقاصده انطلاقا من الوثائق المرجعية المؤسِّسة للمشروع ومن الدورات العلمية المكثفة المواكبة للمشروع لبسط معالمه وتحديد عوالمه؛ وكذا من متابعته لبرامج إعلامية تستهدف النهوض بالتبليغ من حيث كونه أمانة ومن حيث هو رسالة ومن حيث هو نيابة عن النبوة ومن حيث الإذن في التبليغ ومن حيث كونه مؤسسا على خوارزميات بيداغوجية ليخلق لدى الأفراد انطباعا ويسوي لدى الجماعة طباعا.

مشروع خطة تسديد التبليغ؛ المشروع الذي عرف حركية أكثر واقعية وإجرائية بصدور الرسالة الملكية ـ الإطار المنهاجي لبيداغوجيا خطاب السيرة النبوية ذي الأبعاد العشرة ـ حول الاحتفال بمرور خمسة عشر قرنا على ميلاد المصطفى على امتداد التراب الوطني وفق برامج مسطرة منشورة على صفحات مواقع التواصل التابعة للمؤسسات الدينية: صفحتي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي الأعلى وكذا صفحات المجالس العلمية الجهوية منها والمحلية.

فالمشروع هذا مكَّن هذا الفاعل الديني المدني من رؤية أوضح وأكثر شمولية لكيفية تقديم الخطاب الديني بطريقة مؤثرة وفعالة لتحقق في الجماعة الأثر المنشود ومتغيا التدين المرشود .

ولذلكم شرطان هما:[1]

1 ـ “الخطاب المؤثر”، أي صناعة التخاطب الديني بما يتجاوز مجرد الوعظ السردي؛ سرد المعارف الدينية في المجالس، بل أن يسعى المتحدث في هذه الجماعة إلى إشراك المتلقين لتقييم معارفهم وتحصيل انطباعاتهم للترقي بكلامه إلى الحث على التطبيق العملي والقيمي لتعاليم الوحي وفق المصداقية والنموذجية التي يتمثلها من يَصدر عنه هذا التخاطب الديني فيما يُترجَم في القدوة الحسنة وهو التبليغ بالحال المؤازَر بالمقال.

2 ـ “وجود الاستعداد”، أي قابلية التلقي، وهذه ناتجة عن عوامل منها: الفطرة السليمة والمستوى المعرفي والخلفية الثقافية والحالة النفسية التي تعتري الفرد لحظة تلقيه الخطاب وليكن أي خطاب، فقد نتلقى خطابا ذاتَه غير أننا نختلف في الاستيعاب الذي المؤثر على درجة وجودة الاستجابة، وهذا مرده إلى هذه العوامل ولكن بتكرار العملية نكتسب وعيا بالحاجة فنسعى لتحقيقها وتضمينها لحاجات أخر حتى تصبح حاجة التخاطب الديني، حاجة نفسية ووجدانية وروحية واعتبار ذلك مسلكا للترقي.

مورد ذلكم في “ولذلك ينبغي أن نخلق في الناس الباعثية على طلب المعرفة بالدين “[2] حيث إن مؤدى هذه الباعثية هو الدافعية أي السعي للعمل على تقريب التدين من الدين على مستوى الاعتقاد والعبادات وكذا العادات وذلك بيقينية المرء مراقبة الأحوال وفحص الأقوال.

وخلاصة القول في هذا البيان للعملية التواصلية الدينية: إن الفاعلية تخلق الباعثية، وهذه تؤول إلى القابلية والتي تنتج الدافعية، هذه تتآلف لتنتج المفهوم المركزي في مشروع خطة تسديد التبليغ ألا وهو الاستجابة.

التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد.

“الإسلام الإخواني”: النهاية الكبرى

يفتح القرار التنفيذي الذي أصدره أخيرا الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، والقاضي ببدء مسار تصنيف فروع من جماعة “الإخوان المسلمين” كمنظمات إرهابية، نافذة واسعة على مرحلة تاريخية جديدة يتجاوز أثرها حدود الجغرافيا الأميركية نحو الخريطة الفكرية والسياسية للعالم الإسلامي بأكمله. وحين تصبح إحدى أقدم الحركات الإسلامية الحديثة موضع مراجعة قانونية وأمنية بهذا المستوى من الجدية، فإن […]

استطلاع رأي

هل أعجبك التصميم الجديد للموقع ؟

Loading...