خديجة منصور
في ظل تصاعد التوترات في شمال سوريا، بدأ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم الأحد، الأول من ديسمبر، جولة إقليمية محورية تستهدف بحث التطورات الإقليمية المتسارعة. استهل زيارته بدمشق، حيث التقى الرئيس بشار الأسد وعددًا من المسؤولين السوريين، لبحث تداعيات التصعيد في مدينة حلب. ومن المتوقع أن يتوجه غدًا الاثنين إلى أنقرة لعقد مباحثات مع نظيره التركي هاكان فيدان.
تتزامن هذه التحركات الدبلوماسية مع تصعيد ميداني كبير، حيث أعلنت المعارضة السورية المسلحة، ضمن غرفة عمليات “ردع العدوان”، سيطرتها على مطار حلب الدولي وعدة بلدات استراتيجية في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي والشرقي. يُعد هذا التقدم الأبرز منذ ثلاث سنوات، إذ استعادت المعارضة 25 بلدة وقرية كانت خاضعة لسيطرة قوات النظام السوري المدعومة جوًا من روسيا منذ عام 2019.
وسط هذا التصعيد، عاد مسار “أستانا” إلى الواجهة كإطار سياسي ضروري للحفاظ على استقرار سوريا. تأسس هذا المسار برعاية روسيا وإيران وتركيا، بهدف تحقيق خفض التصعيد وتهيئة الظروف لتسوية سياسية، وتعزيز التعاون بين القوى الإقليمية الفاعلة. ومن أبرز محاوره:
1. خفض التصعيد: تثبيت حالة الاستقرار النسبي في سوريا، لا سيما في المناطق المتوترة مثل إدلب، التي تمثل بؤرة للصراع بين المعارضة والنظام.
2. التطبيع التركي-السوري: بحث سبل تقريب المواقف بين أنقرة ودمشق عبر الوساطة الروسية والإيرانية.
3. إعادة الإعمار: محاولة إعادة طرح ملف إعادة الإعمار على المجتمع الدولي رغم التحديات السياسية المرتبطة بموقف النظام السوري.
4. اللجنة الدستورية: إحياء جهود صياغة دستور جديد يعكس تطلعات مختلف الأطراف السورية، بالرغم من التعثرات المتكررة في هذا المسار.
ولا يمكن تجاهل تأثير الحرب الإسرائيلية على غزة، التي دفعت العديد من القوى الدولية والإقليمية إلى إعادة تقييم استراتيجياتها. تسعى الأطراف الراعية لمسار أستانا إلى تجنب ارتدادات هذه الأزمة على الساحة السورية.
تمثل الاجتماعات المقبلة ضمن إطار مسار أستانا محاولة للحفاظ على التوازنات الإقليمية وتثبيت “الثوابت” التي ساهمت في تحقيق قدر من الاستقرار في سوريا. ومع تصاعد المعارك في إدلب، يبقى السؤال قائمًا: هل ستنجح الأطراف المعنية في الالتزام بمخرجات هذا المسار؟ أم أن التطورات الميدانية ستفرض واقعًا جديدًا يصعب احتواؤه؟
المصدر : https://dinpresse.net/?p=21634