د. حسن العاصي
مؤسس ورئيس هيئة تحرير مجلة تفكيك
يسرّ هيئة تحرير مجلة تفكيك المتخصصة في الدراسات الأنثروبولوجية والثقافية وقضايا الهجرة، أن تعلن رسمياً عن انطلاق هذا المشروع الفكري المستقل، وصدور العدد الأول من المجلة، إيذاناً ببدء مسار نقدي ومعرفي جديد في فضاء النشر الأكاديمي العربي والدولي. تأتي تفكيك بوصفها مجلة علمية محكّمة، ثنائية اللغة (العربية والإنجليزية)، مسجلة رسمياً في الدنمارك تحت الرقم الدولي المعياري ISSN 2795-0042، وتُعنى بالبحوث والدراسات التي تتقاطع مع حقول النقد الثقافي، والأنثروبولوجيا، والهجرة، والدراسات ما بعد الكولونيالية، والفكر النقدي المعاصر، مع انفتاحها على الطروحات العابرة للتخصصات.
يمثل صدور العدد الأول لحظة تأسيسية تتجاوز البعد الإجرائي، لتكرّس رؤية المجلة في مقاومة التمركز المعرفي، وتفكيك البُنى الخطابية السائدة، وإتاحة منبر حرّ ومستقل للباحثين والباحثات من مختلف السياقات الجغرافية والثقافية، لا سيما أولئك المنتمين إلى الهامش الأكاديمي أو المنفيين من فضاءات النشر التقليدية.
إن تفكيك لا تسعى إلى مجرد ملء فراغ في خارطة النشر، بل إلى إعادة رسم هذه الخارطة عبر مساءلة المفاهيم، وتوسيع دوائر الحوار، وتكريس استقلالية البحث العلمي بعيدًا عن الإملاءات المؤسساتية أو التوجهات السوقية. وهي، في هذا السياق، تدعو الأكاديميين والمهتمين إلى التفاعل مع محتوى العدد الأول، والمساهمة في الأعداد القادمة، سواء عبر النشر أو التحكيم أو الترجمة أو الحوار النقدي.
لماذا تفكيك؟
لأننا نعيش في زمن تتكاثف فيه الخطابات المغلقة، وتُعاد فيه إنتاج السلطة المعرفية تحت شعارات التخصص والحياد، جاءت تفكيك كمحاولة واعية لتقويض هذا النسق، لا عبر الرفض المجرد، بل من خلال بناء فضاء نقدي مستقل، يُعيد الاعتبار للأسئلة المهمّشة، ويمنح صوتاً للباحثين والباحثات الذين لا يجدون مكاناً في خرائط النشر التقليدية. تفكيك ليست مجرد مجلة أكاديمية، بل هي مشروع معرفي، يسعى إلى مساءلة البديهيات، وتفكيك البُنى الخطابية التي تحكم إنتاج المعرفة، سواء كانت تلك البُنى مؤسساتية، أو أيديولوجية، أو لغوية. إنها دعوة إلى إعادة التفكير فيما يُعدّ “علمياً”، وفي من يُمنح حق الكلام، وفي كيفيات الترجمة والتمثيل والاقتباس، وفي حدود التخصصات التي تُرسم غالباً وفق مصالح لا تُقال.
لقد اخترنا اسم تفكيك عن وعي، لا بوصفه إحالة إلى مدرسة فلسفية بعينها، بل كمنهج مفتوح للتشكيك، وإعادة البناء، والانفتاح على التعدد، والاختلاف، والتداخل. فالتفكيك هنا لا يعني الهدم، بل يعني التحرر من الإكراهات المعرفية، والانخراط في مساءلة مستمرة للغة، للسلطة، وللذات الباحثة نفسها. نحن نؤمن أن المعرفة لا تُنتج فقط في الجامعات فقط، ولا تُختزل في اللغة الأكاديمية الصلبة، بل تتشكل في الهامش، في الترجمة، في التجربة، في المنفى، وفي التوترات العابرة للحدود. ولهذا، فإن تفكيك تفتح أبوابها للكتابات التي تتجاوز القوالب، وتحتفي بالأسلوب، وتمنح مساحة للترجمة، وللأصوات التي لا تُسمع عادة.
في زمن تتسارع فيه الرقمنة، وتُختزل فيه المجلات إلى واجهات تسويقية، تُصرّ تفكيك على أن تكون منبراً أكاديمياً حراً، مستقلاً، لا يخضع لإملاءات التمويل، ولا يلهث وراء مؤشرات التصنيف، بل يراهن على الجودة، وعلى الحوار، وعلى بناء شبكة نقدية عابرة للجنسيات واللغات والتخصصات. إننا لا نعدكم بالحياد، بل نعدكم بالمساءلة. لا نعدكم بالامتثال، بل نعدكم بالانفتاح. لا نعدكم بالسهولة، بل نعدكم بالعمق.
تجدون العدد الأول التجريبي متاحاً عبر الموقع الرسمي للمجلة، بصيغة مفتوحة الوصول، دعماً لمبدأ المعرفة الحرة والمشاعة. كما يمكن التواصل مع هيئة التحرير عبر البريد الإلكتروني الرسمي، أو عبر صفحات المجلة على وسائل التواصل الاجتماعي.