محمد التهامي الحراق
إشارتان من وحي تعديل مناهج التعليم في المغرب.
الأولى:
طالب المجلس الوطني للجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية، المنعقد يومي 4 و5 ماي الجاري، وزارةَ التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالزيادة في حصص المادة والرفع من معاملها في الأسلاك التعليمية، وتجديد وتجويد برامجها ومناهجه، وكذا جعل هذه المادة “أساسية في جميع الأسلاك التعليمية، وبجميع مؤسسات التربية والتكوين، مع إيلاء عناية خاصة للتعليم الأصيل في ظل التراجع الملحوظ وغير المبرر الذي يعرفه على صعيد جميع الأكاديميات”. ونحن إذ نعضد ونساند هذا الطلب، ندعو أيضا إلى العمل المعرفي الجدي لمراجعة برامج هذه المادة مضمونا ومنهاجا وأسلوب تعليم، بل وتقديم قراءات نقدية جذرية لجملة من التصورات والأحكام والمواضيع التي تطرحها؛ وذلك لجعلها مادة تستلهم التدين المغربي عقيدة وفقها وسلوكا وإمارة، وتستبطن روحه العقلانية والروحانية والجمالية؛ وتوقظ في التلميذ والطالب الحس الروحي والنقدي ، وتؤسس تدينه على عقلانية إيمانية منفتحة، كفيلة بإقداره أن يكون مؤمنا مغربيا ذا أفق إنسي روحاني كوني، يشكل السؤال ديدنه وشغله، والتفتح العقلي والروحي مفتاح انتمائه لدينه وعصره، كيما يستعد لرهانات المستقبل عن جدارة معرفة واستحقاق إيمان.
الثانية:
هناك أمر نعيه جميعا، ولم نهتد بعد إلى طرحه بالجدية اللازمة والفعالية المطلوبة والنجاعة المرجوة؛ ويتعلق بمناهج التعليم عندنا. فمن خلال متابعة يومية، ألاحظ الإرهاق النفسي والنفور العقلي وتضخم التأفف لأبنائنا من برامج تعليمنا؛ والتي ما زال جلها يقوم على “الشحن” من جهة، وعلى المعيار “الكمي” من جهة ثانية، وعلى غياب جاذبية التعلم من جهة ثالثة، وعلى انعدام الوحدة والتكامل بين المواد المختلفة من جهة رابعة؛ فضلا عن ندرة التجديد المنهاجي لتمهير أبنائنا على الفكر النقدي، وتثمين المعرفة، ورعاية الإبداع، وتشجيع الابتكار والتميز. مع كامل الأسف، ومع العناية ببعض هذه العناوين والشعارات، مازال النبوغ في مدارسنا اجتهادات فردية منذورة للصدف، وليس استراتيجية مُمَأْسَسَة تلتقط بذور النوابغ في كل المجالات للعناية بها وتطويرها. الأمر يقتضي ثورة ثقافية شاملة تمس تصنيف المواد، ومضامينها، ومناهج تدريسها، وتكوين مدرّسيها، والعناية المادية والاجتماعية والرمزية بالثقافة والتعليم وأهلهما…؛ ثورة ثقافية يشارك فيها الجميع من أجل النهوض بالتعليم الذي هو روح نهوض كل أمة، بدونه ستظل كل أشكال التطور معطوبة، ومعرضة للنسف والإتلاف والبوار. تثوير ثقافتنا والإصلاح الجدي والوطني لتعليمنا، هو المسلك الآمن والسبيل الوحيد لكل نهوض مأمول ويقظة منشودة. حقيقة نعرفها، لكننا لم نهتد بعد إلى الخروج من معضلتها، رغم حميد الجهود المبذولة، وسليم النوايا المعلنة. ..لنقل مع القائلين، ولنعمل مع العاملين على معالجة التعليم؛ روح كل نهضة: التعليم، ثم التعليم، ثم التعليم.
بوركتم
رابط صفحة الكاتب على فيسبوك
https://www.facebook.com/share/15gMKDoFLX/