محمد زاوي
كتب العفيف الأخضر، في مرحلته النيو ـ ليبرالية والعدمية، كتابا أسماه “من محمد الإيمان إلى محمد التاريخ”.
في هذا الكتاب يخضع العفيف الأخضر علاقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي للتحليل النفسي.. وليس هذا تخصص العفيف الأخضر.
يعيد العفيف الأخضر، في هذا الكتاب، إنتاج اتهام القرشيين للنبي صلى الله عليه وسلم بالجنون، وما يميز هذه العملية عنده أنها أتت بلغة معاصرة، لغة التحليل النفسي الفرويدي، حيث استعمال مصطلحات من قبيل “الذهان” و”العصاب” و”السكيزوفرينيا”؛ لوصف أمراض يدعيها في حق صاحب النبوة.
ولما كان الحديث في تخمينات سيكولوجية أساسا، ما كان للعفيف الأخضر أن يعنون كتابه بالعنوان أعلاه “من محمد الإيمان إلى محمد التاريخ”، وإنما بعنوان آخر هو “من محمد الإيمان إلى محمد الفرضيات السيكولوجية”.
أما التاريخ الذي أغفله العفيف الأخضر ولم يتحدث عنه فهو: توحيد القبائل العربية، وتأسيس دولة عربية إسلامية، وتوسيع حدودها حتى بلغت الصين و الهند وأوروبا، والقضاء على الوجود الفارسي والبيزنطي في شبه الجزيرة العربية، ووضع استراتيجية لعيش وتعايش العالمين ما زلنا نرى الحاجة ماسة إليها إلى اليوم.. الخ.
هذا هو التاريخ الذي أهمله العفيف الأخضر وعوضه ب”تأويلات سيكولوجية” متعسفة!
(تنبيه: العفيف الأخضر مفكر تونسي مهم جدا، وكتبه الأولى ـ قبل نيوليبراليته ـ شاهدة على ذلك. الحديث عنه يجب ألا يخلو من تقدير واحترام واستعداد للتعلم)