محمد عسيلة، أستاذ باحث في ماستر الثقافة و الدين و الهجرة
أليس منكم أو فيكم يا أيها المثقفون التونسيون رجل رشيد، يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر بعدما قام فخامة الرئيس باستقبال من يسمونه ممثل الجبهة الوهمية على أرض تونس الطاهرة؟
أليس منكم رجل أخ رشيد و امرأة أخت رشيدة له من الثقافة و الوعي و النضج ما يجعله يثور في وجه هذا الاستلاب و الانجرار والانحراف على المحجة البيضاء التي تجمعنا كإخوة نقتسم تاريخا و حاضرا و مستقبلا نريده جميلا، تنعم فيه أفراد شعبينا بالرفاهية و الاستقرار و المحبة؟
علينا كمثقفين ألا نحجم عن الكلام و الحديث عن هذه المواجع المختزنة في صدورنا جراء تنكر جيراننا في شرذمة حاكمة للتاريخ المشترك و الدين المشترك و اللغة و الثقافة و المخيال المشترك و ها هو “فخامة” الرئيس التونسي – و اسمحوا لي أن أضع كلمة رئيس بين معقوفتين لما لها من حمولة تدل على الترفع و الفهم و الحكمة، لكنها للاسف فقدت سيميولوجيتها في هذه اللحظات! سبق اصرار و ترصد من “هذه الفخامة” لتطعن أخوتنا و محبتنا في غلس الظلام في الظهر!
علينا كمثقفين أن نبتعد داخل صمت مرفوض عن التخندق جهة المتنكرين – فالصمت علامة الرضى، و راهنية اللحظة لا تقبل الصمت في زمن موشوم بالحروب و الاوبئة و ندرة المياه و ضعف التنمية و تصاعد موجات السخط الاجتماعي بسبب الفقر و تربص “الكبار” بنا لخلق النعرات و الشتات و نحن مشتتون في أوصالنا سبقا! متفرقون أصلا! متنازعون متخاصمون مع ذواتنا متألمون بأسقام تركها الاستعمار و فاقمها الجهل المركب في مجتماعتنا !
علينا كمثقفين يا رجال تونس الابرار أن نفك العزلة بيننا و نسألكم بحب و بعشق أليس فيكم أخت رشيدة و رجل رشيد؟ لتقولوا كلمة حق ل”فخامة الرئيس ” و مستشاريه و تعودوا الى ممارسة سيادتكم كما عرفناكم يا بنات و أبناء تونس الخضراء.
نحن واثقون – نحن التي تجمعكم و تجمعنا – ضمير جمع يدل على كياننا و مرجعيتنا المشتركة و تاريخنا المجيد – واثقون بهذه “النحن” أن تنخرطوا في ايقاف هذه المسرحية الهزيلة قبل أن يرتد طرف النهار مع الليل، أن تشنوا حملة أساسها الاخلاق والانخراط بلغة جرامشي في مفهوم المثقف العضوي – حملة توقف هذا النزيف و تستعيدوا هيبتكم التي عهدنا في رئاسة بلدكم وطننا الثاني.
نحن واثقون من انخراطكم و تضحياتكم، فما يحمينا يحميكم و ما يحميكم يحمينا: كيان الاسلام و العروبة و الحرية و الكرامة و السيادة و الاخوة و التاريخ المشترك- حيادكم مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى و انخراطكم في حبنا و عشقنا المشترك مطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى.
و مهما يكن يا شريفات تونس و يا شرفاء تونس – لن تؤثر هذه المناورات البئيسة على امتداد و استرسالية محبتنا و أخوتنا كشعبين يجمعنا ديننا و أخلاقنا و انخراطنا و هويتنا و جغرافية غنية و متنوعة.
و أسألكم أولًا و أخيرا: أليس منكم رجل رشيد؟
جوابي: نعم و هذا هو المعهود فيكم.
اخوكم و محبكم
محمد عسيلة
المصدر : https://dinpresse.net/?p=18306