خديجة منصور
“تنبكتو” أو “تمبكتو” مدينة صحراوية تربعت على الرمال الذهبية وارتوت من ينابيع نهر النيجر، موقعها الاستراتيجي جعل منها بوابة للصحراء الإفريقية. إذ تقع غرب إفريقيا وتحديدا وسط الجمهورية المالية، تبعد بحوالي 13كلم عن نهر النيجر وتعد ملتقى القوافل البرية القادمة من ليبيا والنيجر، فهي إحدى أهم المدن التاريخية الإسلامية وبوابة بين شمال وغرب إفريقيا.
تأسست تمبكتو في أواخر القرن الخامس الهجري على يد الوافدين من قبائل ذوو أصول إفريقية وسكانها هم الطوارق، يرجع سبب التسمية إلى امرأة عجوز كانت تعيش قرب نهر النيجر اسمها “بتكو” من الطوارق وبه سمي المكان “تين” “بكتو”.
وظلت مكانا ومعبرا للطوارق ومركزا للحضارة الإسلامية، وصفها أحد علمائها عبد الرحمن السعدي: “مسقط رأسي وبغية نفسي، ما دنستها عبادة أوثان ولا سجد على أديمها قط بغير الرحمن، مأوى العلماء والعابدين، ومألف الأولياء والزاهدين، وملتقى الفلك واليسار”.
اشتهرت تمبكتو بكونها مركزا علميا ودينيا، فبعد رجوع الملك “منسا موسى”من رحلة الحج زاوج بين المال و العلم، وفي عهده تم الاهتمام باحتضان العلماء الذين ذاع صيتهم من بينهم التنبكتي محمود كعت، كان قاضيا ومقربا من السلطان، ومن أشهر مؤلفاته ” تاريخ الفتاش”، والمؤرخ عبد الرحمن بن عبد الله بن عمران السعدي من مؤلفاته “تاريخ السودان”.
كانت محطة رحال العلماء وهذا ما منحها لقب مدينة الأولياء، تضم عدد من أضرحة الأولياء وبها مكتبات عريقة تحتوي أزيد من 700 ألف مخطوط، ومجموعة من المعالم الدينية كالمسجد “جنغراي بير”، صنفته اليونيسكو ضمن قائمة التراث العالمي سنة 1992، ومسجد “سيدي يحيى” يقع في قلب المدينة القديمة أسسه الشيخ المختار حماه الله سنة 1400م، ومكتبة بن السيوطي بها عدد كبير من الكتب التاريخية، والجامعة الإسلامية والتي تعد منارة العلم والثقافة في المنطقة، إضافة إلى بيوتها الطينية ذات الشكل الهندسي المختلف وبيوت الضيافة…
اعتمد سكانها على التبادل التجاري باعتبارها معبرا للقوافل التجارية عبر الصحراء، ويقوم اقتصادها على الزراعة و تجارة الملح والنشاط الرعوي والصناعة اليدوية، ظلت تمبكتو على مر العصور مدينة الزاهدين ومنتجعا لطلبة العلم والمعرفة جمع سكانها بين التجارة والعلم إنها جوهرة وعروس إفريقيا.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=8847
السوقي الطارقيمنذ 4 أشهر
{قصيدة جوهرة الصحراء}
للأستاذ / عبدالله إبراهيم موسى الخزرجي
حفظه الله
في سُورةِ الفَتْحِ لا في سُورةِ المسَدِ
تُتْلَى مفاخِرُنَا مِن غيرِ مَا فَنَدِ
مِنْ رَبْعِ نَجْدٍ أسُوقُ العِيسَ مُثْقَلَةً
بالعلمِ والمَجْدِ والتاريخِ والسَّنَدِ
أَرْسُو بِهَا في بِلَادٍ طَابَ سَاكِنُهَا
“تِنْبِكْتُ” فَخْرٌ مِنْ الأولادِ للتَّلَدِ
كِنَانَةَ الشِّعْرِ كَمْ أطْرَبْتِ غَانيَةً
وَكَمْ رَقَصْتِ عَلَى الرَّنَّاتِ مِنْ وَتَدِي
وكمْ تمايلَ ظَعْنٌ فوق راحلَِةٍ
مِنْ قوليَ الغَضِّ إذْ سقياهُ مِن كَبِدِي
وكمْ تَرَبَّعَ قَفْرٌ بعد زورتِنَا
وباتَ يجري نميرُ الشِّعْرِ في الجُدَدِ
لكنَّ ذي مِنْ سِهَامٍ عَزَّ حامِلُهَا
تُبْرَى بِنَجْدٍ وَتُرْمَى مِنْ ذُرى أُحُدِ
“تِنْبِكْتُ” يا فَخْرَ أعْلَامٍ لَهُمْ شَرَفٌ
حَدِّثْ ـ فَدَيتُكَ ـ عن صَبْرٍ وعَنْ جَلَدِ
وَعَنْ مَعَارِفَ لَو أمْلَيتَها صُحُفًا
لَجَفَّتِ السَّبْعُ والإمْلَاءُ في مَدَدِ
أَرْضُ العلومِ، رَحَى الأفكارِ، جوهرةٌ
نبْعُ الأمانةِ لا تخفى على أحَدِ
فَخْرُ البسيطةِ، أبْدَتْ حُسْنَ قامَتِهَا
كَمْ شاعرٍ أَلْبَسَتْهُ العِزَّ بالرَّفَدِ
فعَادَ ينْهَلُ، والخيراتُ تقْصِدُهُ
مَنْ لمْ يَرِدْ واحَةَ الصَّحراءِ لمْ يَرِدِ
“تِنْبِكْتُ” فَخْرٌ وإلّا فارْسِمُوا جَدَثي
نَحْنُ الأباةُ فهل أخشى مِنَ اللَّدَدِ
في “تادَمَكَّةَ” آلُ السُّوقِ أَلْوِيَةٌ
حتَّى أتينا إلى “تِنْبِكْتُ” بالعُدَدِ
فَالفقْهُ والذِّكْرُ والتَّوحيدُ عُدَّتُنَا
والنحْو والأصْلُ في الأثوابِ لمْ تَحِدِ
قَومٌ تولَّوا زِمامَ الأمرِ فاتَّضَحَتْ
رُؤى الطريقِ ولم تَبْخَلْ عَنِ الرَّشَدِ
فانْظُرْ مقالةَ محمودٍ لهم مثَلًا
فيمن تولَّى قضاءً أو على صَدَدِ
“كأنَّ رَبَّك لم يخْلُقْ لخشيَتِهِ
سِواهُمُ مِنْ جَميعِ الناسِ” مِنْ أحَدِ
فارْحَمْ إلهي بلَادًا طابَ ساكِنُها
أنْعِمْ عليهم بفضْلِ الواحدِ الصَّمَدِ
شعر | عبدالله بن إبراهيم الخزرجي
أبو عمر المالكي