18 جمادى الأولى 1428هـ موافق 4 يونيو 2007م، وأجاب عليه المجلس العلمي الأعلى في فتوى نشرها في كتاب جديد تحت عنوان “فتاوى الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء 2004 ـ 2012” الصفحة 96، وفيما يلي نص الفتوى:
(بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
﴿ربنا آتنا من لدنك رحمة، وهيئ لنا من أمرنا رشدا﴾.
وبعد، فإن أمر الإرث والتوارث في الإسلام تولاه الله تعالى، وذكر أحكامه العامة في آيات من كتابه القرآن الكريم. منها آية الفرائض والمواريث في قوله تعالـى: ﴿يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين﴾، إلى قولـه سبحانه: ﴿والله عليم حكيم﴾، (سورة النساء: 11، 12)، ومنها قوله تعالى: ﴿يستفتونك، قل الله يفتيكم في الكلالة، إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك، وهو يرثها إن لم يكن لها، … ﴾ إلى قوله سبحانه: ﴿يبين الله لكم أن تَضِلوا، والله بكل شيء عليم﴾، (سورة النساء،176).
كما بين النبي صلى الله عليه وسلم الأحكام الأساسية للتوارث وقواعده العامة في عدة أحاديث نبوية، مذكورة في كتب السنة المعتمدة. منها قوله عليه الصلاة والسلام: “أَلْحِقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فَلأَوْلَى رجل ذكر”، وقوله: “من ترك مالا فلورثته”، وقوله: “إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، ألاَ لاَ وصيةَ لوارث”.
وزاد العلماء الفقهاء موضوع التوارث بين الناس بيانا، وتوضيحا شافيا في مختلف كتبهم الفقهية، فأبانوا عن أسبابه وشروطه وموانعه، وعن كثير من أحكامه ومسائله. فذكروا أن مِن موانعِ التوارثِ المنصوصِ عليها شرعاً، وفي كتب الفقه الإسلامي اختلاف الملتين بين المتوارثين، بحيث يكون أحدهما مسلما والآخر غير مسلم، وهو ما نص عليه فقهاء المذهب المالكي في مؤلفاتهم المشهورة.
فهذا الشيخ ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله يقول في كتابه: “متن الرسالة في الفقه المالكي”: “ولا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم”.
وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في كتابه “الكافي في الفقه المالكي”: “ولا يرث أحد من ليس على دينه وملته بِنسبِ ولا غيره”.
وقال القاضي عبد الوهاب البغدادي رحمه الله في كتابه: “المعونة على مذهب عالم المدينة”: “والعِللِ المانعة من الإرث ثلاثة: كفر، ورق، وقتل ـ أي عَمْدٌ ـ، فالمسلم والكافر لا توارث بينهما”.
وقال ابن جُزَي رحمه الله في كتابه الشهير: “القوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية”: “المانع الأول من موانع الإرث اختلافُ الدين، فلا يرث كافر مسلما إجماعا، ولا يرث مسلم كافرا عند الجمهور”.
وقال الشيخ خليل رحمه الله في مختصره الفقهي لما به الفتوى في المذهب المالكي: “ولا يرث مخالف في دِينِِ مع مرتد أو غيره” (أي غير المرتدِ من أهل الملل الأخرى كاليهودية والنصرانية ) مثلا.
ومستند الفقه المالكي وغيرِه من المذاهب الفقهية السنية الأخرى ما أخرجه الإمام مالك في الموطأ، وأَخرجَه غيره من أئمة السنة رحمهم الله جميعا، من حديث صحيح عن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم”، ولحديث آخر في المسند وسنن أبي داود والبيهقي وغيرهم، عن عبد الله بن عمـرو رضي الله عنهما أن النـبي صلى الله عليه وسلم قـال: “لا توارث بين ملتين”، أو: “لا يتوارث أهل ملتين شيئا”.
وذلك ما لخصه الحافظ ابن عبد البر، وجاء ذكره في شرح الزرقاني على الموطأ حيث قال: “والذي عليه سائر الصحابةِ وفقهاءِ الأمصار أن المسلم لا يرث الكافر، كما أن الكافر لا يرث المسلم، عملا بهذا الحديث”.
وهو ما تضمنته مدونة الأُسرة المغربية والتي صدر بها ظهـير شريف بتاريخ 12 ذي الحجة 1424هـ / 03 فبراير 2004م، والتي جاء في المادة 332 منها ما يلي:
“لا توارث بين مسلم وغير المسلم”.
وبناء على كل ما سبق وتقدم، فلا يسوغ لهذه المرأة التي اعتنقت الإسلام أن ترث شيئا في أبيها غير المسلم. ولا يجوز لها ذلك حسب الأحكام الشرعية الإسلامية.
والله أعلم وأحكم، والهادي إلى أقوم سبيل).
المصدر : https://dinpresse.net/?p=1166