صدر العدد الأول من مجلة “ألباب” الفصلية المتخصصة، التي تعنى بالدين والسياسة والأخلاق، والتي تصدر عن مؤسسة “مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث” في الرباط.
وذكر رئيس تحرير مجلة “ألباب”، د. موسى برهومة، في تصديره للعدد الأول من المجلة، أن الأسئلة الأخلاقية شغلت وما تزال المثقفين والمشتغلين بالفكر والفلسفة، وأثارت الكثير من الجدل، وشابها الغموض والالتباس، ما جعل الحدود الفاصلة بين السياسة والدين غير واضحة، متسائلا عن الأخلاق التي نريد، وعن المرجعيات التي نستقي منها القيم الأخلاقية.
وأضاف رئيس التحرير، جاءت مجلة “ألباب” لتبحث في الدين والفكر والسياسة والأخلاق، وتعيد طرح الأسئلة الجوهرية من منظور حداثي، تجمع ما بين الدين والمعاملة، وروح العصر، حتى تكون مجلة محكمة بالفعل.
ومن جهته، أكد الباحث يونس قنديل، مستشار تحرير المجلة، أن “ألباب” تسعى لتشكيل وعي جديد بالذات والموضوع، وتراهن على العقل العربي في لبّه الكموني، وألبابه المتعددة الكامنة وراء أصواته الجريحة، المنادية بضرورة تجاوز أعطاب الوعي العربي الإسلامي، والمتشوقة إلى الخروج من ربقة الفوات الحضاري والتاريخي.
ويضيف قنديل أن المجلة تتوخى التركيز على نقطة التقاطع والارتكاز بين الحقول المفعمة بالإشكاليات الجمة، والإسهام في الوصول إلى رصد ومعاينة أزمات الوعي العربي الإسلامي، وما ينتج عنها من تفاعلات في الفكر والواقع، مشيراً إلى أن المجلة ستعوّل على المعرفة كباب ومدخل للفهم والتواصل والتبادل، وستراهن على تكثيف السجال المنفتح بين مجموع عقول “ألباب” الفكر العربي.
وتتضمن المجلة قسمين كبيرين، هما: دراسات وأبحاث، وألباب الكتب.
ويشتمل قسم “دراسات وأبحاث” على ست دراسات أساسية هي: “الأسس الدينية والفلسفية للقيم الأخلاقية” للمفكر الأردني د. فهمي جدعان، يتناول فيها بالدرس والتحليل رؤيتين مترافقتين: الأولى يمثلها المفكر اللبناني د. عادل ضاهر وتنسب نفسها إلى العقل والعقلانية، وتؤسس للأخلاق على العقل، والثانية تجعل من الدين أو الوحي أساساً للأخلاق، ومسوغاً للالتزام الأخلاقي عند المؤمنين، ويمثلها المفكر المغربي طه عبد الرحمن.
ويرصد المفكر اللبناني د. عادل ضاهر في دراسته عن “الليبرالية السياسية في فلسفة جون رولز” محاولات هذا الفيلسوف الأمريكي لخلق تصور سياسي للعدالة، ومحاولته تجنب الافتراضات الفلسفية، التي أدت دوراً مهماً في كتابه “نظرية في العدالة”، ويشير إلى أن نظرية رولز حول العدالة السياسية “ما زالت حتى اللحظة الراهنة، تستأثر باهتمام الكثير من الفلاسفة، وعلماء السياسة، إضافة إلى علماء الاقتصاد والقانون”.
وتتناول الدراسة الثالثة للباحث الجزائري د. الزواوي بغوره “مسألة الخير في فلسفة الأخلاق المعاصرة”، التي يحاول من خلالها الباحث إدخال عناصر جديدة في مفهوم الخير، وتحديداً ما يرتبط بعلاقته بالعدل، مبرزاً معاني الخير المتعددة لدى الفلاسفة المعاصرين والقدامى، ومعتبراً أن “الأخلاق لا تقف عند تحديد معايير الاحترام المتبادل، وليست مجرد إجراءات عادلة ومنصفة من أجل إعادة توزيع الخيرات، أو حلّ النزاعات، وإنما الأخلاق، في نظر الفلاسفة، ذات بعد أكبر يتمثل في إعطاء معنى لحياتنا”.
وفي الدراسة الرابعة المعنونة بـ”من شريعة المقدس إلى قداسة الشرعية” يقارب الباحث التونسي د. عمار بنحمودة مفهوم “الإسلام السياسي” من خلال الحفر في أصوله، واعتماد قراءة نقدية لمشروعه الأيديولوجي، حيث تحول من حركة فكرية إلى أحزاب سياسية تمكنت من الحصول على السلطة بعد ثورات “الربيع العربي”.
ومن جهته، يعالج الباحث المغربي د. محسن المحمدي في الدراسة الخامسة “الأخلاق أولاً، الدين ثانياً: كانط نموذجاً”، أهم الأطروحات في المبحث الأخلاقي لدى الفيلسوف إيمانويل كانط، وعلى رأسها تنصيب الأخلاق العقلية كدين جديد يعوّض الدين التاريخي النظامي، ويقف عند “القلب الخطير” الذي قام به كانط، حيث جعل “الأخلاق هي أساس الدين، وليس العكس”.
أما في الدراسة السادسة، المتعلقة بـ”إشكالية الدين والدولة عند محمد عابد الجابري”، فإن الباحث المغربي د. مراد زوين، يقوم فيها بتتبّع تصور المفكر المغربي الراحل لمسألة العلمانية، من خلال مقاربتها مع العروبة والإسلام، ومع الخطابين القُطري والعربي، ويطرح إشكالية الدين والدولة لدى الجابري، وما يقصده بهذين المفهومين الملتبسيْن.
أما قسم “ألباب الكتب”، فيضم قراءات في بعض الكتب الفكرية الحديثة الصدور، من مثل كتاب “الهوية والديمقراطية في عالم شمولي” لرينيه عتيق، ترجمة جان ماجد جبور، قام بمراجعته الباحث الأكاديمي د. جمال الشلبي، وكتاب “الرحالة المتأخرون: الاستشراق في عصر التفكك الاستعماري” لعلي بهداد، ترجمة ناصر مصطفى أبو الهيجاء، وقام بمراجعته الباحث الأكاديمي د. هيثم سرحان، وكتاب “الدين العلماني” لعبد الكريم سروش، ترجمة أحمد القبانجي، وقام بمراجعته الكاتب العراقي علي عبد الأمير، ثم كتاب “الطريق” لإدغار موران، الذي قام بمراجعته الكاتب الجزائري مدني قصري.
تقع مجلة “ألباب” في 160 صفحة من الحجم المتوسط، وتتكون هيئتها الاستشارية من المفكرين والباحثين والأكاديميين: د. فهمي جدعان، ود. عبد المجيد الشرفي، ود. أحمد برقاوي، ود. فيصل درّاج، ود. محمد شوقي الزين.
Source : https://dinpresse.net/?p=3046