أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، اليوم 01 مارس 2013، صلاة الجمعة ب”مسجد بدر” بالرباط.
وبين الخطيب، في مستهل خطبتي الجمعة، أن الله تعالى خلق العباد لعبادته وطاعته، فأرسل إليهم أنبياءه ورسله ليبينوا لهم ما أنزل إليهم وما خلقوا من أجله لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وأيدهم بالآيات والمعجزات التي تؤكد صدقهم وما يدعون إليه من توحيد الله سبحانه وعبادته.
وأوضح الخطيب أن الله تبارك وتعالى أيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بمعجزات كثيرة أعظمها القرآن الكريم، الذي هو وحي يتلى لا يمحى ولا يبلى، فيه نبأ من قبلنا وخبر من بعدنا وحكم ما بيننا، فهو معجزة خالدة وآية باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، محفوظ في الصدور وفي السطور وميسر ذكره على الألسنة، مهيمن على القلوب، معجز لفظا ومعنى.
وأكد الخطيب أن القرآن الكريم يعد آية ومعجزة تحدى الله بها العرب والعجم والجن والإنس على أن يأتوا بمثله أو بعشر سور من مثله أو بسورة منه، لا سيما وأن العرب عرفوا إذ ذاك بأنهم أهل فصاحة وبلاغة وبيان، فما استطاعوا معارضته ولا الإتيان بمثله أو بأقصر سورة منه، ولا استطاعوا أن يذكروا فيه قدحا أو يظهروا فيه عيبا رغم شدة عداوتهم له وحرصهم على التهوين من شأنه .
وقال إن سماع آيات القرآن تتلى تأخذ بألباب أهل البيان وتطيش بها عقول ذوي الفصاحة تعجبا واستحسانا، مبرزا أن إعجاز القرآن الكريم لا يتصور في نظمه وبلاغته وبيانه وفصاحته فحسب، وإنما معجزاته تتمثل أيضا في ذلك وفي غيره كتيسير حفظه للصغير والكبير، كما أنه معجز في ترتيب آياته وسوره إذ لا يمكن لأي فصيح، مهما كانت بلاغته وفصاحته في أي زمان أو مكان، أن يلحظ تنافرا في ترتيبه أو عيبا في نظمه، وإنما هناك تناسق تام رغم الفارق الزمني بين الآيات أو السور.
وأضاف الخطيب أن وجوه إعجاز القرآن الكريم لا تنتهي ما بقي عقل يتأمل ويتدبر، كما أن آيات الله ومعجزاته في الكون لا تنتهي، فإذا ما تأملنا حسن ترتيبه وتأليفه، لوجدنا افتتاح سوره وخواتيمها من أبرع التآليف والبيان، فسورة الفاتحة مثلا هي مطلع القرآن الكريم، وقد سميت بأم القرآن الكريم لاشتمالها على المقاصد الكبرى التي جاء بها الرسل من توحيد لله سبحانه وعبادته وحده لا شريك له ودعائه وطلب الاستعانة به وحده والاستقامة على صراطه المستقيم.
وأشار الخطيب إلى أن أوجه الإعجاز في القرآن تتعدد بتعدد جوانب النظر والتأمل فيه، بحيث أن كل حرف من حروفه وكل كلمة من كلماته وكل آية من آياته، فيها إعجاز لفظي وبياني ودلالي، وكل مجموعة من الآيات وكل سورة من السور تشهد لكتاب الله بأنه معجز، سواء في الأمور العقلية أو الأوامر التعبدية أو الأحكام التشريعية أو القيم والضوابط السلوكية أو في مخاطبة النفس الإنسانية وتأثيره فيها بمجرد سماعه حتى فيمن لا يعرفون العربية.
وأبرز الخطيب أن الإقبال على القرآن الكريم بالمغرب إقبال زاهر مزدهر، لأن عناية أمير المؤمنين بالشأن الديني إنما يأتي في صدارتها عنايته، حفظه الله، بالقرآن الكريم حيث تيسرت للجميع سبل الإنتفاع بالقرآن، سواء بإقبال الصغار والكبار على الحفظ أو توفير كراسي وتخصصات لعلوم القرآن أو تشجيع معلمي القرآن ومجوديه بجوائز محمدية أو بتوفير الإعلام السمعي البصري، الذي يهتم بالقرآن من خلال إذاعة محمد السادس وقناة محمد السادس للقرآن الكريم، باعتبارهما مؤسستين نالتا الإعجاب في الداخل والخارج، مؤكدا أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن السياسة الرشيدة لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أيده الله، في توفير شروط العمل بالقرآن الكريم، إيمانا وسلوكا في المجتمع، هي التي تجسد وفاء المملكة لتعاليم الكتاب العزيز.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=334