صراع الايديولوجيات على أرضية السوشيال ميديا

دينبريس
آراء ومواقف
دينبريس29 أغسطس 2020آخر تحديث : السبت 29 أغسطس 2020 - 3:06 مساءً
صراع الايديولوجيات على أرضية السوشيال ميديا

حمزة محي
لقد استحالت مواقع التواصل الإجتماعي حلبة للإصطراع الأيديولوجي، وساحة وغى يتطاير منها شرر الإعتراك بين مختلف التيارات الدينية واللادينية والطائفية والفكرية والسياسية …، يسعى فيها كل فريق لترويج فكره ويسعى جهده أن لا يستبقي لمخالفيه على عين ولا أثر.

وصار لكل فريق أبطاله ورجالاته ورموزه…فللملحدين هشام نوستيك وأشباهه…وللأشاعرة سعيد فودة وتلامذته…وللسلفيين ماهر أمير ويوسف سمرين وأمثالهما…وللمداخلة والرسلانية صفحاتهم التي تنشر فيها خطب ربيع المدخلي ورسلان ومن هم على شاكلتهما من علماء البلاط وشيوخ السلطان….وللمنصرين رشيد حمامي وأمثاله…وللمدافعين عن الدين ضد شبهات وتشغيبات المنصرين واللادينيين: هيثم طلعت وسامي عامري وأحمد سبيع وعبد الله رشدي وغيرهم كثير…وقس على ذلك باقي التيارات من علمانيين و”إسلاميين” ودواعش وإمامية…والأحزاب السياسية ؛على اختلاف مشاربها وتباين ألوانها؛ التي صارت تعرف ما لهذه المواقع من تأثير على مستخدميها لذلك لست تجد حزبا إلا وله صفحات على هذه المواقع …حتى لقد صارت دول وأحزاب تدفع الملايين وتوظف ما يسمى ب” الذباب الإلكتروني ” للترويج لأجندات معينة أو لتشويه خصوم معينين ..

ومما يقضى منه العجب بروز ظاهرة صراع أتباع الشيوخ المختلفين ؛ حتى لقد أصبح لكثير منهم ما يمكن أن نسميه ب”الألتراس Ultras “. فصار عندنا ألتراس رسلان والتراس الشيخ الحويني وحسان وألتراس عدنان ابراهيم وبحيري وشحرور..وألتراس علي جمعة وعلي الجفري..وكل ألتراس من هؤلاء لا يني يذود عن شيخه وينتصر له ولا يألو جهدا في مهاجمة خصومه من باقي الإلتراسات الأخرى…

وبالجملة لقد غدا كل مستعمل لهذه المواقع مستهدفا للتنصير أو الإلحاد أو التدعشش أو التشيع .. وغيرها من البروبغاندات التي يريد أصحابها وحملة لوائها أن يذيعوها بين الناس ويحملوهم عليها.

ومن يدخل هذه المواقع وهو فارغ البال من هذه الإجتذابات غير شاعر بها ولا محتفل بها..ظنا منه أنها ليست إلا مواقع للتواصل والتراسل بين الأصدقاء، فإنه كمن يدخل غابة قصد الإستجمام وطلب الراحة …وهو لا يعلم أنها تعج بصنوف الحيوانات المفترسة ذوات الأنياب والمخالب القاتلة .

ولئن لم يعجل بتحصين نفسه معرفيا يوشك أن يكون ضحية من ضحايا الإستقطاب الأيديولوجي والمذهبي والطائفي..

إن خطورة هذه المواقع ليست فيما يتم الحديث عنه من سهولة انتشار الأخبار الزائفة…وإنما خطورتها الأكبر في قدرتها على تجنيد الأتباع وراء الأيديولوجيات؛ لا سيما المنفرطة والمنحرفة منها . ولكم من شخص ألقى بنفسه إلى حتفه؛ لتأثره بفكر عدمي يعادي الحياة ويزهد فيها .

وكم من شخص استزله الدواعش وزينوا له تطرفهم بما ألبسوه إياه من دثار الدين وزينة الخلافة ولبوس الشريعة…فانخدع بهم فإذا هم يصيرونه آلة تقتيل وتفجير وسلخ وذبح يحصد أرواح الأبرياء.
وأقل الأضرار التي يمكن أن يخرج بها من ليس على وعي بهذه الإجتذابات أن يقع ضحية تحير وشك يخسر فيه يقينه وطمأنينته.

ولكم كان علماؤنا الأقدمين حكماء وأيقاظ وذووا بصائر نافذة لما رأى بعضهم وجوب النظر على المكلفين وضرورة خلعهم لرداء التقليد والخروج عن ربقته، وقد كانوا عللوا ذلك بأنه مانع لهم من أن يقعوا ضحية تشكيك أو شبهة تعصف بيقينهم وتحيلهم متشككين متحيرين..

وفي ذلك يقول الإمام اللقاني رحمه الله :
إذ كل من قلد في التوحيد ***إيمانه لم يخل من ترديد

إن إنسان هذا العصر أحوج ما يكون إلى التسلح بالفكر النقدي الذي لا يقبل فكرة إلا إذا قلب فيها أوجه النظر تمحيصا وتدقيقا لئلا يخدع عن نفسه..خاصة ونحن في عصر صارت فيه التمويهات والشبهات والتشغيبات والمغالطات تتقحم البيوت لا يمنعها مانع ولا يحبسها رادع ؛ ولم يعد يؤمن فيه على أصحاب إيمان العجائز والتفكير السطحي الساذج أن تزل أقدامهم فينتهون دواعشا أو لادينيين أو متشككين أو متنصرين أو قومجيين متطرفين أو غيرها من سائر الأيديولوجيات المنحرفة.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.