هل تؤم المرأة الرجال في الصلاة؟

حمزة النهيري
2020-06-13T07:44:08+01:00
آراء ومواقف
حمزة النهيري2 مايو 2020آخر تحديث : السبت 13 يونيو 2020 - 7:44 صباحًا
هل تؤم المرأة الرجال في الصلاة؟

 النهيري  - دين بريسد. حمزة النهيري
نحمد الله تعالى أن المدونات الفقهية نقلت لنا بأمانة قول الفقهاء في المسائل فلم تميز قولا على ءاخر في الحكاية والنقل..ولعل الخلاف الفقهي دليل على رحمة الله لهذه الأمة الكامنة في شريعته الغراء.

أول سؤال يطرح في تناول هذه القضية هو سؤال ذكورية الفقه.. ، فهل تأثر الفقه بمقولة المجتمع العربي مجتمع ذكوري؟

ولست أقصد في هذا المقال الجواب عن السؤال أو ترجيح قول على قول بقدر ما أنا معني بالمقاربة الفقهية وعرض الأقوال على مائدة الاستدلال، فالسؤال المعرفي يبقى والأجوبة تفنى لكثرتها واختلافها وتباينها.

قال ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد:
اختلفوا في إمامة المرأة فالجمهور على أنه لا يجوز أن تؤم الرجال واختلفوا في إمامتها النساء، فأجاز ذلك الشافعي ومنع ذلك مالك، وشذ أبو ثور والطبري فأجاز إمامتها على الأطلاق”.
فهذا النص من الإمام ابن رشد يبين أن المسألة خلافية ليس فيها إجماع، فالجمهور على منعها من الامامة بالرجال وشذ أي تفرد أبو ثور والطبري فأجازا إمامتها على الإطلاق
(راجع كتاب الفتاوى الشاذة للشيخ يوسف القرضاوي لضبط معنى القول الفقهي الشاذ، كما يرجى الاطلاع على مفهوم ماجرى به العمل في المذهب المالكي لأنه يشبه القول الشاذ المتفرد في جواز العمل به إذا أسندته المصلحة الراجحة ففي مذهب مالك يفتى بالراجح والمشهور وماجرى به العمل).
قال ابن رشد: وإنما اتفق الجمهور على منعها أن تؤم الرجال، لأنه لو كان جائزا لنقل ذلك عن الصدر الأول، ولأنه أيضا لما كانت سنتهن في الصلاة التأخير على الرجال علم أنه ليس يجوز لهن التقدم عليهم لقوله صلى الله عليه وسلم” أخروهن حيث أخرهن الله”(أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن مسعود وليس هو بمرفوع وإسناده صحيح).

في كلام ابن رشد مسائل:
1- الجمهور على منعها من الامامة، و قول الجمهور ليس بحجة كما هو معلوم لكنه يصار إليه في الترجيح بغلبة الظن فالحجة التامة في القواطع.
2- في كلام ابن رشد الالماع إلى استدلال الجمهور بدليل الترك، وهو لايدل على وجوب الترك بقدر مايدل على أنه جائز الترك فقط.(راجع أحكام الترك في كلام ابن تيمية في القواعد النورانية).
3-السنة العملية في هذا الأمر هو تأخيرهن في الصلاة أن تكون إماما.. وحديث ابن مسعود الموقوف عليه ليس فيه مايفيد منعهن من الامامة.
قال ابن رشد: ولذلك أجاز بعضهم إمامتها النساء إذا كن مستويات في المرتبة في الصلاة، مع أنه أيضا نقل ذلك عن بعض الصدر الأول، ومن أجاز إمامتها فإنما ذهب إلى ما رواه أبو داود من حديث أم ورقة:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها.
قال ابن رشد: “وفي هذا الباب مسائل كثيرة أعني من اختلافهم في الصفات المشترطة في الامام تركنا ذكرها لكونها مسكوتا عنها في الشرع.”

وفي كلام ابن رشد مسائل:
1-مسألة إمامة المرأة مسكوت عنها والمسكوت عنه في الشريعة فهو عفو، فلو كانت إمامة المرأة بالرجال حراما لما تأخر الشارع في النهي عن إمامتها.
2-لايمكن أن نغفل عن تأثير العرف المجتمعي في بعض الاحكام الشرعية قال الله تعالى” خذ العفو وامر بالعرف”
والعرف معمول به إذا ورد حكم من الشرع الشريف لم يحد
(نظم ابن سعدي في القواعد الفقهية).
3- الاستدلال بحديث أم ورقة الحسن الإسناد كما قال الألباني في صحيح أبي داود وجيه، فقوله وأمرها أن تؤم أهل دارها استدلال بمايدل عليه مطلق لفظ “أهل” فأهل دارها يدخل فيهم المؤذن الرجل، والمطلق مادل على فرد شائع في جنسه.
4-قد يكون المانع من إمامة المرأة كونها محل فتنة للرجل والمقصود بالفتنة مايبهر الرجل ويلفت انتباهه، إذ قد علم بالجبلة ميل الرجل إلى المرأة، وقد يقول قائل ماذا لو أن المرأة لبست لباسا ساترا بحيث لايمكن أن تفتن الرجل، ونحن نراها في الوقت الحاضر في كل مرافق الحياة قاضية ومحامية و عدلة وقاضية وغير ذلك من الولايات الدينية المسندة لها في العصر الحديث.. فلم نمنعها من الامامة الدينية؟

وقد وجدنا أيضا أن المرأة تفتن بالرجل أيضا، فحرص الفقهاء على منع المرأة من الامامة فيه أمر العرف العربي الذكوري وليس فيه الحكم الشرعي نفسه، لأنه لو كان هناك نهي لارتفع الخلاف حينئذ، وليس هناك نهي فدل على أن الأمر مسكوت عنه في الشريعة. ( وحكم المسكوت عنه الاباحة باستصحاب البراءة الأصلية).

فلو صلت المرأة بزوجها وأهل بيتها فلا بأس بذلك على قول الطبري وأبي ثور والصنعاني وهم من الأيمة المرضيين في الفتوى والفقه، بل يجوز عند بعض فقهاء الحنابلة أن تؤم المرأة الرجال في صلاة التراويح (أنظر المغني لابن قدامة).

وقصدي بهذه المقاربة هو الالماع إلى وجود الخلاف وليس ترجيح قول على قول، وأن ادعاء الاجماع في هذه القضية ينافي التحقيق العلمي، وحركة التصحيح الفقهي تقتضي منا إعادة طرح بعض المسائل الفقهية التي كانت متأثرة بالعرف المجتمعي أكثر من الحكم الشرعي نفسه، وإن كان العرف مما ورد في الشريعة اعتباره والأخذ به ولكنه قابل للتغيير وطروء التجديد عليه والله أعلى وأعلم.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.