الدكتور حمزة بن علي الكتاني
لا شك عندي أن وباء كورونا نشأ عن فيروس مصنع، وأنه أمر دبر بليل…ولكن من وراءه؟، ولماذا؟، وهل فقد السيطرة عليه؟. الله أعلم.
كنت أفترض أن الوباء زرع في الصين عن طريق استخبارات أمريكية، وأن المخابرات الصينية تنبهت لذلك بعد انتشار الوباء، واستطاعت إيجاد لقاح لعلاجه، أو محاصرته على الأقل، أو استراتيجية طبية لذلك، وأنها قامت بتعديل الفايروس جينيا في مختبراتها، وإعادة إرساله للعالم، ولأمريكا وأوروبا بالخصوص، في أكبر حرب بيولوجية حديثة.
ولذلك افترضت أن الفيروس المنتشر في العالم ليس هو نفسه الذي انتشر أولا في ووهان، ولذلك كان الرئيس الأمريكي مستهترا بالمرض، ولم يرد اتخاذ إجراءات حقيقية ضده، باعتبار أنهم يملكون الأدوية المانعة له، بل صرحوا مرة بأن دواءه يوجد في الصيدليات ولا يتعدى ثمنه عشرة دولارات…ولكن لما انتشر الوباء واكتشفوا أن أدويتهم لا تصلح له، اضطر لاتخاذ استراتيجية أخرى، وأسقط في يده.
وبالطبع لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تتهم الصين بذلك؛ لأنها ستعترف حينئذ بأنها حاربت الصين بيولوجيا، وتصبح في موقف ضعف مفضوح. ولا يمكن للصين أن تتهم أمريكا بأنها قامت بحرب بيولوجية ضدها؛ لأنها ستصبح مضطرة للدخول في حرب لا يعرف حجمها ولا نتائجها، فالنتيجة أن الكل يعرف الحقيقة، والكل ينفي الحقيقة، ولكن يحاولون الاستفادة من الوضع الراهن واتقاء أسوأ العواقب.
بعد أن أرسلت الصين الوباء، أصبحت هي وأمريكا متساويتين، فلم يبق لها أي مبرر لفضح الولايات المتحدة، الولايات المتحدة تريد أن تربح من وراء القضية لتقلب الطاولة على الصين، إذا الوباء صيني الانتشار، وهو بالفعل صيني الانتشار، ولكنه ليس صيني الصنع!. فحيث كان صيني الانتشار – بالنسبة للأمريكان – فإن الصين مسؤولة عن الآثار المترتبة عليه!.
طبعا هذه معادلة غير منطقية، ولا يمكن لأمريكا أن تبني عليها سياسة صارمة، ولذلك فإن السلطات الأمريكية تتهم الصين بإخفاء الحقائق حول الوباء، سواء الحقائق المتعلقة بانتشاره، والحقائق المتعلقة بتفاعلاته، والمتعلقة بمحاصرته…أمريكا تعرف جيدا أن الصين خسرت أضعاف الأعداد التي ماتت عندها، وأن هناك احتمالا قويا كونها وجدت طريقة لعلاجه وتخفيها، لأن كل جهة تصنع جرثومة إلا وتصنع لها ما يضادها من العقاقير…ولذلك فإنها تعتبر مسؤولة عن الأبعاد التي حصلت بسبب تكتم الصين، وانتشاره في العالم من أرضها، فأصبحت – بحسب المنطق الأمريكي – مسؤولة عن ذلك الانتشار بغض النظر عن سبب المرض، وبذلك مسؤولة عن نتائجه. وهذا من حيث القانون، منطقي، ويشكل إدانة للصين، ممكن أن تترتب عليها آثار سياسية.
الصين تعتبر أنها هوجمت بيولوجيا في عقر دارها، والمقصود من مهاجمتها القضاء على اقتصادها الذي أصبح يكتسح العالم، إذا هي تلعب على هذا الوتر، فقد أعادت الوباء للعالم، وقامت بممارسة دور المخلص الذي يبيع المنتوجات الطبية المتعلقة بالوباء لكل العالم، بل، نتيجة الركود الاقتصادي العالمي، أصبحت أكبر موزع لمختلف السلع الصناعية لدول العالم بأسرها…وبذلك كلما طالت مدة الوباء، طالت مدة استفادة الصين من الاقتصاد العالمي لتظهر بعد مرور الأزمة الدولة الاقتصادية العظمى في العالم، وربما في النهاية تعلن أنها اكتشفت الدواء، فتبيعه للعالم بأسره!.
استطاعت الصين بسبب هذه الأزمة تفتيت الاتحاد الأوروبي، وإثبات أنه اتحاد وهمي، ثم استطاعت غزو عدة دول أوروبية عن طريق المساعدات، وعن طريق فتح جسور تجارية معها، فيما يتعلق بالأجهزة والمواد الطبية. بل استطاعت تركيع أمريكا نفسها، عن طريق طلب الولايات المتحدة يد العون من الصين للقضاء على المرض، ويظهر التخبط واضحا في سياسة ترامب تجاه الصين…تارة يدينها، وتارة يستغيث بها. وقريبا سوف تغزو الصين أمريكا الجنوبية وأفريقيا…والغزو الاقتصادي هو غزو سياسي بالضرورة…
لا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا يشعران بمأزق كبير، نظرا للحجر الصحي المترتب عن انتشار الوباء، وبذلك توقف عدة مجالات اقتصادية وتجارية إلى درجة الصفر، في وقت يعتبر وقت الذروة لمجموعة من المجالات الاقتصادية في العالم، خاصة السياحة. وهو الأمر الذي سيتسبب في تراجع اقتصادي كبير، خاصة على مستوى أوروبا، ستظهر انعكاساته في الأشهر المقبلة بوضوح، ولذلك فإن هذه الدول تحاول الخروج من المأزق بأية طريقة، ولو بالدعاية الإعلامية الزائفة.
وتتجلى الدعاية الإعلامية للدول الأوروبية وأمريكا أولا في التقليل من النتائج السلبية للوباء، وتوهيم الناس أنه وصل لدرجة الذروة، وأنه بدأ في التراجع، وبذلك فإن عدد القتلى بدأ يقل، وعدد المرضى الجدد بدأ يقل، مما يبرر فتح المعامل والأسواق، والخروج من حالة الحصار الداخلي والخارجي التي تشهدها…غير أنها هنا تكون في معادلة خطيرة، وهي التناسب العكسي بين الربح الاقتصادي والخسارة البشرية.
وحسب ظني؛ إنه لا يمكن اعتبار القضاء على الوباء واقعا دون اكتشاف دواء له، كما أنه لا يوجد تصور حقيقي لدرجة الذروة التي يفترض أن يصل إليها، من عدمها، فهناك أوبئة أصابت عشرات الملايين في التاريخ، ولم تصل درجة الذروة – بمعنى أن الجسد البشري استطاع أن يكون مضادات طبيعية لها والتحصن ضدها – إلا بعد موت الملايين، بل عشرات الملايين من الناس.
هذا كله وما يترتب عليه يتبع الافتراض الأول، وهناك افتراض آخر؛ وهو: أن الجهة التي دبرت هذا الوباء ليست الصين ولا أمريكا، إنما جهات أعلى من ذلك تعود إلى اللوبيات الاقتصادية الكبرى التي تحكم العالم، والمتمثلة في الشركات المتعددة الجنسية، والأقطاب الاقتصادية الكبرى، وذلك لأن النظام الاقتصادي العالمي بلغ درجة الركود بسبب تراكم الديون بشكل مهول، حتى أصبحت مجموعة من الدول دولا وهمية – بالمعنى الاقتصادي – تعدت ديونها ترليونات من الدولارات، ولا يوجد أي بصيص للتغلب على الديون، ولا لنمو اقتصادي إيجابي في المستقبل…خاصة مع النظام الاقتصادي المعتمد على الفوائد الربوية التي تجعل – في النهاية – دفع أقساط الديون لا تعدو أن تكون نوعا من العبث غير المجدي.
وفي حالة كهذه؛ فإن الدول تنشيء حروبا عالمية، من أجل إعادة توزيع النفوذ والحقوق، والرجوع لدرجة الصفر، وبما أن تطور الصناعة العسكرية لا يسمح في وقتنا بنشوء حرب عالمية، إذ الحرب العالمية قد تكون سببا في فناء العالم، أو الرجوع سنوات ضوئية إلى الوراء من الناحية الحضارية، فإن القوى العالمية تحاول البحث عن وسائل أخرى لإعادة الأمور لدرجة الصفر دون الاضطرار للدخول في حروب عسكرية مدمرة، فقامت بنشر وباء عالمي، يترتب عنه توقف للحركة في أهم الدول الصناعية في العالم، ما سينتج عنه ركود ضخم يتسبب في ابتكار نظام عالمي سياسي واقتصادي جديد…وهذا أمر قد نفرد له بحثا آخر إن شاء الله تعالى، فنبقى في الفرضية الأولى…والله أعلم.
المصدر : https://dinpresse.net/?p=8125