إدريس عدار
الحياد خدعة يمارسها المثقف المنكوب. يزعم انتماءه للشيوعية حتى بمر وسط الضباب نحو عواصم المازوت. يصف المقاومة بالظلامية ويأكل من صحون “التنوير” الرجعي. حياد برسم الكذب وحتى عندما ينفرط عقد “إعلام المازوت” بعد انفراط “سياسة المازوت” يمارسون التعاند بين “الكذب” و”الكذب”، انتهاكا للمنطق الذي يفرض التعاند بين الصدق والكذب. وخيارهم هو انتهاك الأفكار والحقائق والمعلومات ومعانقة الكذب والتضليل والدعاية لتيار الهزيمة.
لا يختلفون حول الكذب واختلاقه. يختلفون في الطريقة وفي جسر العبور نحو التضليل. لكن العماء الناتج عن دخان المازوت يكشف الكذب.. يكذب المثقف المنكوب ويكذب ويكذب ويصاب بالسعار حتى يُكتب عن الناس كذابا.
معنى الحياد كما يروج له المثقف المنكوب؟
قبل توصيف حيادية المنكوب لابد من الإشارة إلى أن هذا المفهوم استعصى على التحديد من قبل المفكرين وعلماء الاجتماع، بل يكاد يكون ممتنعا، فالذات المنتجة حاضرة قسرا أو طوعا. ومن هنا أعلن أنني لست محايدا. وقمة الموضوعية أن أعلن أنني مع المقاومة وضد تيار الهزيمة. لكن المثقف المنكوب يزعم أنه شيوعي وهو من أكبر الراكعين أمام أكبر عائلة تمثل رمزا للفساد. عائلة حكمت كثيرا ويبرئها المثقف المنكوب بينما يتهم المقاومة بخراب بيروت، التي لم يدخلها إلا بعد عنفوان المقاومة.
الحياد ليس الوقوف على تخوم المعركة. الحياد هنا ليس وقوفا بعيدا عن الصراع ومراقبته. الحياد ليس هنا بحثا عن الصدق. بل لو أردنا تأليف كتاب عن تاريخ الصدق لتناولنا هذه الحالة من أجل البرهان بالخلف.. والنتيجة ستكون لا محالة أنه ما دام المثقف المنكوب المحايد أكثر من الكذب فإن الصدق يكون في الإعلان عن الذات دون الاختباء وراء الموضوعية من أجل خدمة تيار الهزيمة.
يلعب المثقف المنكوب على عنصر الإكثار من الكذب قصد تمرير القصة التي يسعى إليها المتربصون بالمقاومة. يكذبون كي يصوروا أن هذه الأخيرة هي السبب فيما حصل في بيروت. الإكثار من الكذب تحت زعم الحياد الغرض منه التدليس والتلبيس على من لا قذرة له على التحقيق.
يزعم أن المقاومة تسيطر على الحكومة بل على الحكومات بما فيها الحكومات التي تزعمها من يمجدهم ويعتمدهم مصادر ومراجع في المعلومات. يزعم أن المقاومة هي من تسيطر على مرفأ بيروت وبالتالي لابد من تدويل التحقيق لأن المقاومة تسيطر على وزارة العدل. مع العلم أن سيد المقاومة قال إن اللبنانيين كلهم يتفقون على مصداقية الجيش. فليتكلف بالتحقيق.
الكذب بالعلن ودون حياء. المقاومة بحسب المثقف المنكوب تسيطر على المرفأ. هو طبعا لا يعرف قصة الميناء ولا يعرف من بيروت سوى الأماكن التي يروج فيها المال الممزوج بدخان المازوت. المرفأ منذ 1990 تديره لجنة مؤقتة. كانت مؤقتة وأصبحت دائمة. اللجنة الأخيرة تم تعيينها منذ 18 سنة. يسيرها مدير عام هو حسن قريطم. اليوم يعتبر من أقرب المقربين من الرئيس الحريري وينتمي لتيار المستقبل.
هذا نموذج واحد من المسؤولين في اللجنة المذكورة وهم سبعة لا يراقبهم رقيب. فكيف كانت المقاومة تسيطر على المرفأ الذي يديره أقرب مقربي الحريري؟
وبما أن المثقف المنكوب مغالط من الدرجة المنحطة يلزمه تذكيره أنه بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701 تراقب قوات الأمم المتحدة الشواطئ اللبنانية لمنع تهريب الأسلحة. سفن ألمانية تقوم بهذه المهمة. نريد أن نعرف أيها المثقف المنكوب من أين دخلت 2700 طن؟ كيف دخل كل هذا السلاح دون أن تراه السفن الألمانية؟
أعرف أنك ستستمر في الكذب بعد هذه المعلومات. وربما ستٌكذبها وستنكر طلوع الشمس أيضا لأن وظيفتك تقتضي الاستمرار في الكذب تضليلا للحقيقة.
ومن أسوأ ما كتب المثقف المنكوب تمجيد زيارة “عون الخدمة” الأمريكي إلى بيروت، معتبرا نزوله إلى الشارع ولقاءه بعض اللبنانيين شرفا وهلم كلمات رنانة. ومن أخطر المغالطات التي يشترك فيها مع آخرين هي هذا الادعاء الزائف القائل إن الشعب اللبناني طلب من ماكرون عودة الانتداب الفرنسي.. أن يخرج بعض الشبان الذين يجهلون حقيقة جرائم الاحتلال الفرنسي لبلدهم بمثل هذه الشعارات لا يعني أن كل لبنان مع هذا الخيار.. رأينا في لبنان شبابا متطوعون لتنظيف وجه بيروت حتى يعود جميلا رافضين التخلي عن بلدهم في هذه المحنة.. كيف يمكن اختزال بلد من خلال شعارات بعض شبابه ومنهم مغفلون؟
المصدر : https://dinpresse.net/?p=9159