“الـسيرة النبوية في تقديرات كتابات أجنبية”: طرر على محاضرة الأستاذ أحمد التوفيق
محمد التهامي الحراق
أن تُصغي إلى مقاربة في موضوع ديني تجمع بين الدقة المنهجية والتوثيق التاريخي والتحليل المعرفي والتساؤل المفتوح والنظرات الحِكَمِيّة والروح الإيمانيّة؛ وذلك في تكامل وتناغم نادرين، فأمر أصبح عزيزا؛ بل من أعز ما يطلب. ذاك ما ظفر به المتابعون للمحاضرة الافتتاحية لسلسلة المحاضرات الجهوية التي ينظمها المجلس العلمي الأعلى تنفيذاً للرسالة الملكية السامية في شأن الاحتفال بمرور خمسة عشر قرنا على ميلاد النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم؛ وهي المحاضرة التي ألقاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية د.أحمد التوفيق في مقر المجلس يوم الأربعاء 2025/11/26 في موضوع: “السيرة النبوية في تقدير كتابات أجنبية”.
إن أهمية هذه المحاضرة لا تنبع فقط من القيمة الكبرى لموضوعها في السياق الراهن، حيث كثرة وتشابك وتعقد التحديات التي تطبع علاقة المسلمين بأنفسهم وبالآخرين، ولا تنبع فقط من تعدد المقاربات وتنوع الكتابات الأجنبية حول السيرة النبوية؛ بل، أيضا وأساسا، من الآفاق الرحبة والأسئلة الخصيبة التي عودنا الأستاذ التوفيق على طرحها بعمق ومسؤولية معرفين وإيمانيين في محاضراته ودروسه المتعلقين بأسئلة الدين وقضاياه. وهنا، يلزمني الإشارة إلى مسألة طالما سمعتها من معترضين يرون أنه لا يحق الحديث في الدين إلا من زاوية “العلوم الشرعية”؛ وهذا في نظري خلط فادح بين الموضوع ومقارباته، بين قداسة الموضوع ونسبية مقارباته؛ كما هو احتكار لموضوع مفتوح على مختلف أنواع الدراسة والتحليل والفحص المعرفي بشرط مراعاة طبيعة الموضوع وخصائصه. أضف إلى ذلك وجود تقاطعات كبرى، إبستمولوجيا، بين “العلوم الشرعية” و”العلوم الإنسانية والاجتماعية”، مما كنت قد وضحته بعض التوضيح في مقال سابق بعنوان: “هل العلوم الشرعية سماوية أم وضعية؟”. على أن علم التاريخ، وهو أحد أبرز العلوم الإنسانية، مفتاح معرفي رئيس لفهم العلوم الشرعية نفسها وإضاءة سياقات انبثاقها ومسارات تطوراتها وخلفيات اتجاهاتها ومدارسها. وهنا، أسجل ملاحظة نفيسة كان قد سجلها الأستاذ التوفيق في مناسبة سابقة؛ وهي أن عدم اعتبار المسلمين علم التاريخ من العلوم الشرعية قد فوّت عليهم إمكانات ورحابات كثيرة في الفهم والمعرفة. ويُعتبر اليوم كل استبعاد لمقاربات المواضيع الدينية من منظورات العلوم الإنسانية الحديثة، تجميدا لعلومنا الموروثة وتعطيلا للعقل المسلم وإغلاقا لآفاق تفاعله مع أسئلة العصر ورهانات الإنسان المعاصر؛ خصوصا وأن الدرسات الإسلامية في عالم اليوم أخذت أبعادا واسعة في الجامعات العالمية، وأي انغلاق للمسلمين وعدم انخراطهم النقدي في التفاعل مع هذه الدراسات ستكون له آثار كبرى على صورتهم وعقائدهم وموقعهم، وخصوصا على أجيالهم الجديدة في عالم مترابط ومفتوح بلا حدود.
ضمن هذا الأفق الرحب، نفهم الأهمية الكبرى لمحاضرة مؤرخ محترف في موضوع السيرة النبوية وحضورها في بعض الكتابات الأجنبية. وإذا كنا لا نزعم أننا في هذا المقال سنقدم تلخيصا وافيا لمحاضرة الأستاذ التوفيق الثرية بالمعطيات والتحليلات والاستشرافات، فإننا على الأقل سنجمل القول في ألمع محطاتها، مسجلين طررا على ما أثار انتباهنا في عرضها:
1- ثمة اعتبارات أربعة دعت المحاضر إلى بسط هذا الموضوع، ومدارها، كما قدم لمحاضرته، حول “التعريف” ببعض الكتابات الأجنبية عن السيرة مما قد يجهله كثير من المسلمين؛ و”تقديم نماذج” من هذه الكتابات مع بيان خلفياتها وتمييز المنصف منها؛ و”إضاءة” بعض الكتابات التي تعكس التطور التاريخي والتأرجح في المواقف والتوجهات الكبرى الناظمة لتعاملها مع السيرة؛ و”إبعاد الاستغراب” من أن تكون السيرة موضوع اختلاف وتنازع، فما البال إذا كانت سيرة نبي. على أن الإفادة تتحصل بجلاء عند التعرف على بعض الكتابات الأجنبية التي تتميز بجودة عالية في الطرح العقلاني والتناول الصناعي، مما يجعلها بالغة النفع للعلماء والعموم بغض النظر عن خلاصاتها. وهنا، يظهر أن هذه الاعتبارات تجمع بين التعريف وبيان الخلفيات والتمييز بين المنصف والمتحيز والتنبيه على الجودة الصناعية والعلمية لكثير من هذه الكتابات. الأمر الذي يجعل الإغضاء عن هذه الكتابات بالنسبة للمسلمين في السياق العالمي الراهن مُكلِّفا على المستويين المعرفي والإيماني.
2- بعد توضيح هذه الاعتبارات، انطلق الأستاذ التوفيق في بسط موضوعه من تحليل مادتي “محمد” و”سيرة” في “دائرة المعارف الإسلامية”؛ مبينا كيف أن شخصية نبي الإسلام ظلت مطبوعة منذ القرن الثالث عشر للميلاد بمعالم صليبية سلبية تطعن في الإسلام ونبيه، حتى أن مارتن لوتر، المصلح البروتستانتي الشهير، كان ينسب النبي للشيطنة. لكن، وفي ضوء المادتين، بيّن المحاضر أن الكتابات الأجنبية عن النبي صلى الله عليه وسلم ظلت تتطور منتقلة من التحيز إلى الاعتدال والإنصاف. وهنا، قدم الأستاذ التوفيق نماذج ثلاثة لكبار كتاب أوروبا تبرز هذا التحول؛ فبعد أن عرّج على شكسبير الذي كشف مارتن لينغز عن الوقع الروحي لأعماله، تناول كلا من فيكتور هيجو الفرنسي الذي كشف عن إعجابه بالإسلام ونبيه الكاتبُ الفرنسي المعاصر لوي بلين؛ والشاعر الروسي ألكسندر بوشكين الذي كتب قصائد تمجد الإسلام ونبيه وتجلي انبهاره بهما؛ ومواطنه ليو تولستوي الذي ألّف كتاب ” حِكم النبي محمد” منتقيا من درر جوامع الكلم النبوي ما يحتاج إلى دراسة لتبين القيم التي تستثير الآخرين في الرسالة النبوية الخالدة؛ والتي جعلت عَلم ألمانيا غوته يقول بعد أن تعرف على سيرة نبي الإسلام: “إذا كان ذلك هو الإسلام فكلنا مسلمون”.
3- لم يكتف الأستاذ التوفيق بهذه الإشارات، بل راح يستنطق شهادات خمسة أعلام غربيين أتى بنصوصهم وكشف عن رؤيتهم المعظمة لنبي الإسلام وسيرته وأخلاقه، والمصححة لكثير من الصور النمطية المغلوطة عن سيرته وأخلاقه، والتي ظلت تحصر النبي في تلك الصورة الموروثة عن المتخيل المسيحي الصليبي القروسطي، حيث تأسر النبي في صورة قس منحرف ومفتر على الله ومنتحل للقول الكتابي وناشر لدعواه بالسيف والعنف ومنحل أخلاقي ديدنه تلبية شهواته ونزواته. وهنا، أتى المحاضر بنصوص رفيعة من هذه الشهادات تبطل هذه الدعاوى وتبرز كمالات نبي الإسلام ومحامده الخلقية وقيمه الإنسانية الكونية، وتبرز أثر سيرته العطرة في الثقافة والمجتمع والتاريخ. وهي نصوص تجلي إمكانية تقدير الرسول خارج معيار الإيمان، وتقرأ السيرة في ضوء أثر النبي صلى الله عليه وسلم في تغيير حياة العالم وإنتاج الفعل في التاريخ.
4- ضمن هذا الأفق، استحضر الأستاذ التوفيق خمسة شهادات كتبت خارج ثنائية الإيمان أو التعصب ضد المخالف الهوياتي، كما كتبت من منظور عقلاني يعتبر بالثقافة الكونية، ويراجع الأحكام الموروثة عن المرحلة القروسطية ضد الإسلام ونبيه، وهو ما يحتاجه اليوم شبابنا للانخراط في سياق النظرة العقلانية التي تتحرر من مسبقات الصراعات الإيديولوجية وتحول دون التعرف السليم على الآخر. الشهادة الأولى لتوماس كارلايل أحد أشهر المفكرين الاسكتلنديين في القرن التاسع عشر، والملقب بحكيم تشيلسي، وهو صاحب المديح الأشهر للنبي ﷺ في التاريخ الغربي. وقد خصص فصلا كاملا عن النبي الكريم في كتابه الشهير “الأبطال وعبادة البطل” بعنوان “البطل بوصفه نبيًا”، صنف فيه الأبطال إلى عدة أصناف ستة، وتحدث فيه عن النبي محمد ﷺ بكلام إيجابي قوي وصريح للغاية، حيث اعتبر أن عهدا جديدا ظهر بظهور النبي محمد، كما رد فيه على تهجمات المتعصبين على النبي الكريم، مبرزا العظمة الروحية والأخلاقية لرسالته ومصرحا أنه يحب محمدا لأجل ذلك.
5- الشهادة الثانية يمثلها ما كتبته آني ماري شيمل، العالمة الألمانية الموسوعية، خلال ثمانينيات القرن الماضي في كتابها “ومحمد رسوله”، وهي تبرز حضور شمائل النبي الكريم وخصائصه ومعجزاته ودلائل نبوته، مجلية أشكال تمجيده وتبجيله في الأدب الشعبي والتقاليد الدينية والاجتماعية والثقافة الصوفية وأشعار المنشدين والقوالين في تركيا وبعض الشعوب الآسيوية المسلمة وخصوصا في شبه الجزيرة الهندية. وقد استحضر الأستاذ التوفيق، في الشهادة الثالثة، ما كتبته العالمة البريطانية المعاصرة، المختصة في الدراسات الدينية المقارنة، والراهبة الكاثوليكية الرومانية سابقا، كارين أرمسترونغ في كتابها “محمد نبي لعصرنا”، وهي تعرف برسول الإسلام ومكارمه وتبرز جهود علماء المسلمين في تدقيق السيرة وتوثيقها، وتطرح سؤالا رئيسا: كيف يمكن للمسلمين تطبيق رؤى النبي وممارساته في أزمانهم؟ كما تنتقد عددا من الصور الزائفة والأحكام المغلوطة عن رسالته وأخلاقه مما ورثه المتخيل الغربي عن الصورة الصليبية القروسطية عن نبي الإسلام، وتعمل على تصحيحها انتصارًا لقيم التسامح والانفتاح والرحمة التي يفترض أن تتصف بها الثقافة الغربية. وهذا ما دفعها لكتابة سيرة ميسرة عن نبي الإسلام، بوصفه شخصية عالمية خالدة وملهمة لكل الإنسانية، في كتاب آخر بعنوان: “محمد، سيرة نبي”.
6- الشهادة الرابعة لديبارك شوبرا الهندي الأمريكي، المختص المعاصر في الطب البديل وفي الدراسات الروحانية في العهد الجديد، وقد كتب هذا العالم البوذي كتابا عن النبي صلى الله عليه وسلم بعنوان: “محمد: قصة النبي الأخير”؛ يحكي خلاله حياة النبي الكريم من طفولته إلى إعلان الرسالة، مستحضرا الصعوبات التي واجهها في مكة، ثم الهجرة إلى المدينة وتأسيس المجتمع الإسلامي. وقد سعى ديبارك إلى إبراز عبقريته نبي الإسلام، وما جسده من رؤية إنسانية متعددة الأبعاد، حين دعا للتوحيد في بيئة وثنية، واستطاع أن يغيّر التاريخ بدعوته للسلام، والتوحيد. أما الشهادة الخامسة فهي لمايكل هارت؛ والذي كتب كتابا عام 1979م بعنوان: “المئة: ترتيب الأشخاص الأكثر تأثيرًا في التاريخ”، حيث اعتبر هارت أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو أكثر شخصية أثّرت في تاريخ الإنسان. ولم يأت هذا الاختيار فقط لكون النبي الكريم مؤسسًا لدين كبير ومؤثر، بل لأن تأثيره تعدّى المجال الديني إلى بناء مجتمع ودولة؛ إذ نجح في توحيد قبائل جزيرة العرب، وأسس نظامًا اجتماعيًا وقانونيًا جديدًا، وغيّر بنية المجتمعات، من حيث القيم والسلوكيات. وراح يقارن بين ما أنجزه سيدنا محمد وما قام به عيسى عليه السلام الذي وضعه في الرتبة الثالثة، في الوقت الذي وضع موسى عليه السلام في المرتبة السادسة عشرة. لقد نجح نبي الإسلام حسب هارت على المستويين الديني والدنيوي، وهو ما جعله أعظم زعيم في التاريخ، ومنحه ميسما “استثنائيا” بالمقارنة مع مختلف الشخصيات العظيمة الأخرى، وكان من نتائج ذلك أن أ ستمر تأثيره قرونًا، ليس فقط في الشرق والغرب الإسلامي بل في العالم بأسره.
7- بعد عرض هذه الشهادات المنصفة والاستشهاد المضيء بنصوص غنية منها، راح الأستاذ التوفيق يدلي ببعض التعليقات؛ من أبرزها تأكيده على أن النظرة التعصبية للغرب هي التي أملت الصورة غير المنصفة التي سادت فيه عن نبي الإسلام على مدى ألف عام؛ وأن الرؤى في السياق الغربي حيال الدين قد تطورت منذ عصر الأنوار، من نقد الدين إلى الحياد السياسي الذي تسمى علمانية، والتي دونها، وأمام التطور المادي الفائق للغرب، كان يمكن أن تحدث حرب عالمية تنهي وجود المسلمين باستعمال أسلحة الدمار الشامل؛ وأنه يخشى اليوم أن تختل التوازنات الداخلية للغرب أمام التشنجات اليمينية والتطرفات العلمانية، مما قد يستبعد الأفكار الداعية للكونية والمؤسسة للتعايش بين الأديان والثقافات. وفي الوقت الذي عدد فيه المحاضر أنواع المقاربات المعرفية والروحية للسيرة المحمدية، أكد في خلاصاته على مركزية الائتساء والتخلق بالأسوة النبوية حالا وسلوكا، باعتبارها نبراس الهداية الخالد، في الإنسانية جمعاء. ثم أتى بإشارات هامة تؤكد على أهمية المآثر التاريخية النبوية في التأريخ للسيرة النبوية مما كان يُزهد فيه بل يُعادى لاعتبارات وتوجهات إيديولوجية بدأ التحرر منها، كما تشهد على ذلك العنايةُ ببعض المآثر التاريخية في المدينة المنورة، مثلما هو شأن “بستان المستظل” الذي تم إحداثه قبل شهور قليلة وزاره المحاضر.
8- وقد ذيل السيد المحاضر هذه الإضاءات بالإشارة إلى أن السيرة النبوية بكل تفاصيلها هي ملك للإنسانية جمعاء، وأن الشهادات المنصفة لم تعتمد الروايات التاريخية بقدر ما نظرت في أثر هذه السيرة في التاريخ وفي التغيير الذي أحدثته في العالم إلى يوم الناس هذا. وهو ما أدركته تلك الشهادات لا بالوقوف الجزئي عند الأحداث العابرة، بل بالنظر الشمولي في التاريخ من خلال مفهوم “الأمد الطويل” الذي تتبناه مدرسة الحوليات في علم التاريخ.
ويخلص الأستاذ التوفيق من ذلك إلى مسألة غاية في الأهمية والملحاحية مفادها التركيز على البعد الأخلاقي في السيرة، والذي تحتاجه الإنسانية اليوم، وكذا النظر فيها بقراءة عصرية تستجلي القيم التأسيسية للمشترك القيمي الكوني، مع ضرورة ممارسة نوع من النقد الذاتي بعد النبي على المسلمين لا على الإسلام، مما سماه المحاضر ب”انقلاب المسلمين على الأعقاب في عدد من الأخلاق الأساسية”؛ مستمدا ذلك من قوله تعالى: “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ” (آل عمران، 144).
9-من تلك القضايا الـتي تقتضي الفحص النقدي حقيقة التوحيد بما هو حال تحرري وأخلاقي في حياة المسلم؛ وبناء العلاقات الجماعية على روح الشورى؛ والتربية على خلق تكريم المرأة؛ وإلغاء القبَليات وأشكال التمييز المختلفة مع بناء تقييم الناس على معيار التقوى؛ وإلغاء الاسترقاق الذي تأخر المسلمون في استيعاب التدرج في استبعاده ضمن المنظور الإسلامي، انتصارا لمصالحهم على حساب روح الإسلام التحررية؛ وبناء الدين على عدم الإكراه بخلاف ما حصل في التاريخ من فتوحٍ صاحبها أحيانا السبي والعنف، انحرافا عن روح الإسلام وأخلاق نبيه. إنها قضايا حارقة يؤكد المحاضر على ضرورة فتحها والتحري التاريخي فيها، مما لا يمس في شيء حرمة تاريخ الإسلام، بل يرمي إلى تحرير المسلمين اليوم من أشكال تغيير وإجهاض الصيرورات التحريرية الكونية التي كان قد فتحها المصطفى صلى الله عليه وسلم برسالته وسيرته، والتي ما زال الله عز وجل يجلي آياتها في الآفاق للمعتبرين.
10- خلاصة القول إن هذه المحاضرة، وعلى غرار سابق محاضرات ودروس الأستاذ أحمد التوفيق العلمية، تجمع بين التوصيف والتحليل والنقد والاستشراف، وهو ما يجعل منها بسطا لآفاق غنية لمسارات تجديد التعامل مع السيرة النبوية هنا والآن، بما يحرر المسلمين من أسر “الانقلاب على الأعقاب”، ويجعل هذه السيرة المحمدية منهلا متجددا لطرح مختلف الأسئلة والإحراجات والقضايا التي تؤرق المسلم المعاصر، بل الإنسان المعاصر وفق رؤية تشج بعمق وفعالية بين العقل والإيمان، بين محبة الرسول صلى الله عليه وسلم والاستمداد المتجدد من سيرته وكمالاته، مما من شأنه أن يوقظ الضمير الإسلامي والإنساني ويسهم في إنقاذه من عدد من الأزمات المعرفية والروحية والأخلاقية التي تحاصره في السياق الكوني المعاصر.
التعليقات