الصحراء المغربية بين الحقائق التاريخية والاعترافات الدولية في ندوة علمية بالرباط
تحرير: خديجة منصور
نظم المجلس العلمي الجهوي لجهة الرباط–سلا–القنيطرة، صباح اليوم الاثنين 24 نونبر 2025 الموافق لـ 03 جمادى الآخرة 1447 هـ، ندوة علمية بعنوان “الصحراء المغربية بين الحقائق التاريخية والاعترافات الدولية”، وقد احتضنت قاعة الشيخ المكي الناصري.
استهل الدكتور أحمد البوكيلي، عضو المجلس العلمي المحلي بالرباط، الجلسة الافتتاحية بكلمة رحب فيها بالحضور، مسلطا الضوء على أهمية المقاربة العلمية في معالجة قضية الصحراء المغربية، خاصة في ظل المستجدات الدبلوماسية التي يعرفها هذا الملف على المستوى الدولي، كما استعرض البوكيلي في مداخلته الدور التاريخي والديني للزوايا والتصوف، مبرزا أن هذا الامتداد الروحي الذي انطلق من المغرب ووصل إلى عمق إفريقيا لعب دورا محوريا في ترسيخ الروابط بين المغرب وامتداداته الجنوبية.
وأوضح البوكيلي أن الزوايا المغربية بما حملته من إشعاع علمي وروحي كانت جسورا للتواصل بين القبائل الصحراوية والدولة المركزية، وأسهمت في تثبيت الولاء للعرش العلوي الشريف وتعزيز الروابط التاريخية بين المغرب وفضائه الإفريقي، مما منح الوحدة الترابية عمقا روحيا واجتماعيا متينا يضاف إلى أسسها السياسية والتاريخية.

وشهدت الندوة حضور ثلة من العلماء والباحثين والمهتمين بالقضية الوطنية، حيث افتتحها فضيلة العلامة الأستاذ محمد أصبان، رئيس المجلس العلمي الجهوي، بكلمة توجيهية تناول فيها مركزية البيعة الشرعية لأمير المؤمنين الملك محمد السادس. وأبرز العلامة أصبان أن البيعة تشكل ركيزة دينية وقانونية حافظت عبر التاريخ على وحدة المغرب، وأن قبائل الصحراء جسدت هذا الارتباط من خلال مبايعتها المستمرة للعرش العلوي الشريف، بما يعكس تجذر الانتماء الوطني والتلاحم بين العرش والشعب.
وقدم فضيلة الأستاذ الدكتور الجيلالي العدناني، أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، مداخلة علمية موسّعة تناول فيها وثائق أرشيفية وطنية ودولية تثبت الامتداد التاريخي للمغرب على أقاليمه الجنوبية. واستعرض العدناني وثائق نادرة من الأرشيف الاستعماري وشهادات تاريخية تعود لفترات مختلفة، مؤكدا أن هذه المصادر توضح بجلاء عمق السيادة المغربية على الصحراء، وتفند الادعاءات التي تحاول إعادة تدوير أطروحات متجاوزة من زمن الاستعمار.
كما ناقش المشاركون دلالات القرار الأممي الأخير الداعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، معتبرين أنه يمثل تحولا حاسما في مواقف المجتمع الدولي لصالح المغرب. وأوضحت المداخلات أن تبني الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية باعتباره الحل الواقعي والعملي للنزاع المفتعل يعكس تراكما للشرعية القانونية والسياسية والدبلوماسية التي راكمها المغرب عبر سنوات من العمل الحكيم والمتوازن.
واختتمت الندوة بوصلة من الموشحات الصوفية في الصلاة على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، في لحظة امتزج فيها البعد الروحي بالبعد الوطني، مما عزز الأجواء الإيمانية التي طبعت اللقاء. وقد أسهم حسن التنظيم وتسيير الدكتور أحمد البوكيلي في إنجاح هذا الموعد الأكاديمي الذي أعاد التأكيد على رسوخ قضية الصحراء المغربية في الوجدان الوطني، وعلى ضرورة تعزيز النقاش العلمي الرصين لدعم وحدة المملكة الترابية.
التعليقات