إصدار: التصوف في أفريقيا جنوب الصحراء.. المفهوم والنشأة والأدوار

23 نوفمبر 2025

إيمان شفيق

صدر للباحث الموريتاني أحمد محمد الأمين انداري دراسة عنوانها “التصوف الطرقي في أفريقيا جنوب الصحراء: المفهوم والنشأة والأدوار”، عن مركز تريندز للبحوث والاستشارات في إطار قراءة الخطاب الديني بدول أفريقيا جنوب الصحراء، وتعتبر الطرق الصوفية من الحركات الدينية الحاضرة بممارستها التربوية والإرشادية للمجتمعات أينما حلت، كما هو الحال مع أدوار الزوايا.

ومن المعلوم أن التصوف إلى أفريقيا جنوب الصحراء انتشر في مجتمعات هذه المنطقة بفعل جهود ونشاط شيوخ الطرق الصوفية وأتباعها ومريديها، ويتنوع الدور الذي تنهض به الطرق الصوفية في أفريقيا جنوب الصحراء ما بين الديني، والثقافي، والسياسي، والاقتصادي، والاجتماعي.

ويؤكد الباحث أن ظهور حركات التطرف العنيف وانتشارها في المنطقة خال العقدين الأخيرين طرح أسئلة عديدة حول إمكانية نهوض التصوف بدوره في الحيلولة دون انتشار تلك الحركات، وأن وصول حركات التطرف العنيف إلى أفريقيا جنوب الصحراء أصبح يشكل أكبر تحدٍّ وجودي للطرق الصوفية فيها، وأضاف أن التصوف الطرقي يتبنى مقاربة مزدوجة في مواجهة حركات التطرف، تتمثل في نشر التصوف في أبعاده المسالمة المتسامحة، ودعم استراتيجيات مكافحة الإرهاب التي تقوم بها الدولة.

وقد خلصت الدراسة إلى أن التصوف الطرقي في أفريقيا جنوب الصحراء، وإن فقد نسبة من جاذبية خطابه لدى فئات محدودة من مجتمعات أفريقيا جنوب الصحراء، إلا أنه لا يزال يشكل أكبر قوة دينية وروحية في عموم المنطقة، كما أنه أثبت مرارا قدرته على الانبعاث من جديد، وربما في شكل أكثر قوة والخبرة التاريخية للمرحلة الاستعمارية دالة في هذا المجال، إذ إنها تبين لنا أن المستعمر، وعلى الرغم من الجهود الجبارة التي بذلها في التضييق على هذا التصوف ومطاردة شيوخه ونفيهم، فإن قوته ودرجة نفوذه في مجتمعاته لم تتأثر بل ازداد الإقبال عليه.

أكد الباحث أيضا أن التصوف في أفريقيا جنوب الصحراء يختلف من حيث طبيعة تشكله عن صنوه المشرقي، الذي كان في بداية الأمر تصوفا فرديا، قبل أن يأخذ لاحقا طابعه الجماعي، الأمر الذي يعني أن أفريقيا جنوب الصحراء لم تعرف عبر تاريخها تصوفا آخر غير التصوف الطرقي، بطابعه المدرسي والتربوي والأخلاقي، وهذا الأمر يعطي للتصوف في أفريقيا جنوب الصحراء قوة كبيرة، بوصفه أقرب إلى روح العمل الجماعي.

إن التصوف الطرقي في أفريقيا جنوب الصحراء اليوم حسب الباحث، يمر بواحدة من أصعب المراحل في تاريخه، ذلك أن ظهور حركات التطرف العنيف وانتشارها في المنطقة خلال العقدين الأخيرين يطرح أسئلة عديدة حول مدى قدرة التصوف على الاستمرار في النهوض بدوره التقليدي بوصفه يشكل حصنا حصينا يحول دون اعتناق شباب مجتمعات أفريقيا جنوب الصحراء للفكر المتطرف، وهذه الطرق اليوم مدعوة لتقديم أجوبة حاسمة عن هذه الأسئلة.

أوصت الدراسة بعدد من التوصيات منها القيام بنقد ذاتي من قبل هذه الطرق لرؤيتها والأفكار الناظمة لسلوكها في مختلف الميادين الفكرية والسياسية والثقافية وغيرها، إذ إن من شأن القيام بعملية النقد هذه أن يفضي إلى إجراء مراجعة حقيقية لأفكار هذه الطرق سيكون من نتائجها حتما أن يتم الاهتمام بشكل أكبر بتجديد فكر هذه الحركات، ليصبح أكثر عنفوانا وأقدر على مواجهة مشكلات العصر والتحديات الراهنة وفي مقدمتها تحدي جماعات التطرف العنيف.

التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد.

“الإسلام الإخواني”: النهاية الكبرى

يفتح القرار التنفيذي الذي أصدره أخيرا الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، والقاضي ببدء مسار تصنيف فروع من جماعة “الإخوان المسلمين” كمنظمات إرهابية، نافذة واسعة على مرحلة تاريخية جديدة يتجاوز أثرها حدود الجغرافيا الأميركية نحو الخريطة الفكرية والسياسية للعالم الإسلامي بأكمله. وحين تصبح إحدى أقدم الحركات الإسلامية الحديثة موضع مراجعة قانونية وأمنية بهذا المستوى من الجدية، فإن […]

استطلاع رأي

هل أعجبك التصميم الجديد للموقع ؟

Loading...