تصحيح المفاهيم (1) مفهوم الدولة

17 نوفمبر 2025

محمد زاوي

لم تكن الدولة لتتأسس في التاريخ إلا بشروط، وهنا يمكن الحديث عن الكتابة والإيديولوجيا الدينية وتقسيم العمل اجتماعيا الخ.. ويبقى أبرز شرط لهذا التأسيس، أو لنقل الانتقال من المجتمعات القبلية والعشائرية إلى مجتمعات الدولة هو ظهور الملكية الخاصة وما نتج عنها من تفاوت اجتماعي.. هذا ما يُطلق عليه “الجوهر الاجتماعي للدولة”.

أما المراحل التي تلت مرحلة التأسيس فلم تكن تعبّر في حقيقتها سوى عن تطور هذا “الجوهر الاجتماعي” عبر التاريخ.. فكلما ظهرت في التاريخ “علاقات إنتاج” جديدة، إلا وأنتجت نموذجها الخاص في الدولة.. وفي فترات بعينها كانت الدولة الجديدة تتشكل شيئا فشيئا كجزء من “قوى الإنتاج”، إلى أن تكتمل صورتها بظهور “علاقات الإنتاج” الجديدة.. وذلك حسب نيكولاس بولانتزاس الذي يرفض الفصل المطلق بين البنى الفوقية والبنى التحتية (راجع كتابه “نظرية الدولة”).

في التاريخ الأوروبي مثلا، وهو تاريخ دُرس بما فيه الكفاية نظرا لتقدم الصناعة هناك، يمكننا تمييز دولة الاستعباد (العبودية) عن دولة الاستقطاع (الإقطاع)، وهذه عن دولة الاستغلال (الرأسمالية).. بل إن دولة الإسلام التي عرفت إقطاعا من نوع خاص (“الإيتاوي”/ “الخراجي”/ “نمط الإنتاج الآسيوي”)، قد اختلفت في صورتها عن دولة الإقطاع الأوروبي..

الأساس الاجتماعي للدولة الحديثة في الغرب هو سيطرة الطبقة البورجوازية، وهذا ما يميزها عن الدول السابقة عليها.. الفرق بينها وبين دولتي الاستقطاع والاستعباد لا يكمن في تفردها بأصلها الطبقي، كما يزعم بعض الباحثين.. وإنما بنوع الطبقة التي أفرزت نظامها ومؤسساتها، وكذا بما لهذه الطبقة ونظامها الاجتماعي (الرأسمالية) من خصائص منحت العامل الاقتصادي قدرة فعلية وتوعية وتعميمية أكثر من التي كانت له في أنظمة اجتماعية سابقة..

المجتمع إذن هو أساس الدولة، وإنها عندما تسود وتسيطر تسيطر عليه وبه، ولنكون أكثر دقة: تسيطر ب”وجودها الاجتماعي” على كل وجود آخر، اجتماعيا كان أو سياسيا أو ثقافيا.. إنها بتعبير العروي “جهاز وإيديولوجيا” (“مفهوم الدولة”)، وعند الماركسيين “جهاز لممارسة السيطرة الطبقية”.. وعند تخصيص هذا التعريف العام/المجرّد أوروبيا، يمكننا الحديث عن خصوصيات في بلاد الشرق (الصين/ الهند/ المغرب مثلا)، وهي خصوصيات نتجت عن عاملين أساسيين: تفرد السياسة والثقافة المشرقيتين، وتدخل الاستعمار.. وربما أيضا وهو ما يحتاج إلى بحث: اختلاف سيرورة وصيرورة أنماط الإنتاج المشرقية عن نظيرتها في الغرب.

التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد.

توكل كرمان.. من جائزة نوبل إلى خطاب الفتنة

عمر العمري تقدم توكل كرمان نفسها، منذ حصولها على جائزة نوبل للسلام سنة 2011، بوصفها رمزا عالميا للحرية وحقوق الإنسان، إلا أن مسارها الإعلامي والسياسي اللاحق سرعان ما كشف عن تناقض صارخ بين الشعارات والممارسة. فبدل أن تكون صوتا للحوار والسلام، تحولت إلى منبر للتحريض والتجريح، مستخدمة المنصات الرقمية لنشر خطاب عدائي يستهدف المغرب ومؤسساته […]

استطلاع رأي

هل أعجبك التصميم الجديد للموقع ؟

Loading...