أزمات سياسية وثقافية في فرنسا بسبب فلسطين.. “لوموند” تدعو إلى تهدئة النقاش
رشيد المباركي
اعتبرت صحيفة “لوموند” أنه بعد مرور عامين على اندلاع أحداث 7 أكتوبر، في وقت قُتل فيه أكثر من 69 ألف شخص في القصف الإسرائيلي على غزة، وصل مستوى التوتر وسوء الفهم إلى مستوى مقلق، وأن كل شيء يبدو كما لو أن النقاش العام وصل إلى نقطة من الاشتعال تجعل من المستحيل استمراره.
حدثان، من بين آخرين، يوضّحان هذا الوضع. فقد تم إلغاء، في 9 نوفمبر ــ بعد تدخل وزير التعليم العالي ــ يومي دراسة حول “فلسطين وأوروبا” كان من المقرر عقدهما في كلية فرنسا في 13 و14 نوفمبر، وتم تنظيمهما في النهاية في مرافق ضيقة بمركز البحوث والدراسات السياسية العربية في باريس، والذي يعد أحد منظميهما. أما الاشتباكات التي وقعت في 6 نوفمبر خلال حفل الأوركسترا الفيلهارمونية الإسرائيلية في قاعة الفيلهارموني في باريس، بعد أن قام نشطاء مؤيدون للفلسطينيين بمقاطعة الحفل ورفعوا قنابل دخان، فتندرج ضمن سياق مختلف تماما. لكنها توضح أيضا انحرافات تعتبر إشكالية.
أضافت الصحيف، أنه كمبدأ ديمقراطي أساسي، يجب الدفاع عن الحرية الأكاديمية، التي هي محدودة بالطبع بالسعي الضروري وراء الحقيقة العلمية، لكنها ليست محدودة بمتطلبات الحياد. في حالة الندوة التي نظمها معهد فرنسا، قام الوزير المكلف بالدفاع عنها بإعاقتها، إلى الحد الذي يهدد مؤسسة مرموقة. بتدخله في نقاش بين أكاديميين معترف بهم، خلق سابقة خطيرة.
أما بالنسبة لمسببي الاضطراب في الفيلهارمونية، فهم يميلون إلى اعتبار الفنانين المنحدرين من دولة يقودها مسؤولون محل جدل، ومتهمون أمام العدالة الدولية، مسؤولين عن سياسات هؤلاء القادة. وهذا يعرضهم لخطر الخلط، أو حتى الآثار العكسية. ناهيك عن تركيزهم على إسرائيل، في حين يمكن انتقاد حكومات أخرى معرضة للنقد أيضا.
هذه الانحرافات حسب الصحيفة، تقوض النقاش الضروري حول مأساة الشرق الأوسط. ومن المحتمل أن تُقارن بالصعوبة التي يواجهها المواطنون المنزعجون بصدق، أو الغاضبون، في التعبير عن آرائهم بأمان ودون الخوف من جيران غير مرغوب فيهم. إغراء تجريم الحكومة للمشاركة في المسيرات التي تدين سلبية فرنسا والاتحاد الأوروبي تجاه المجزرة في غزة من جهة، واستغلالها من قبل حركة فرنسا غير الخاضعة من جهة أخرى، يولد إحباطا قد يغذي الأفعال الفردية والحوادث الأخيرة.
بعد شهر من الإعلان عن وقف إطلاق نار هش على الأرض والذي، في هذه المرحلة، لا يبشر بأي أفق واضح، سيكون الوقت قد حان لكي يكتسب النقاش حول الشرق الأوسط هدوءا أكثر. بدل الوقوع في فخ الاستغلال، الأولوية هي التقدم في معرفة واحترام الذاتية والمشاعر والمعتقدات لكل شخص.
التعليقات