تقرير: 27 هجوما على المساجد في 23 مدينة بريطانية خلال أربعة أشهر
سعيد الزياني ـ دين بريس
كشف تقرير حديث صادر عن مؤسسة British Muslim Trust عن تصاعد مقلق في حوادث الكراهية ضد المسلمين بالمملكة المتحدة خلال صيف وخريف 2025، حيث تم تسجيل 27 هجوما على المساجد والمراكز الإسلامية في 23 مدينة وبلدة عبر البلاد، ما يعكس تحولا نوعيا من الاعتداءات الرمزية إلى أعمال عنف مادي وتهديد مباشر للحياة.
ويرصد التقرير الذي أُعد بتكليف من وزارة الإسكان والمجتمعات والحكومة المحلية البريطانية، للمرة الأولى مدى تصاعد العداء ضد المسلمين، خاصة ضد المساجد، بعد أن تم تفعيل خدمة التبليغ الوطنية التي تديرها المؤسسة أواخر أكتوبر الماضي.
ويؤكد أن الفترة الممتدة بين يوليو وأكتوبر شهدت مسارا تصاعديا واضحا بدأ بحادثة إطلاق نار على مسجد في بيركنهيد بليفربول، وانتهى بحريق متعمد في مسجد “بيسهافن” شرق ساسكس، كاد أن يؤدي إلى خسائر في الأرواح.
وسجل شهر غشت طفرة لافتة في الاعتداءات، إذ وثقت المؤسسة ثمانية حوادث، أغلبها حملت رموزا دينية ووطنية مثل الصليب وأعلام المملكة المتحدة وإنجلترا وشعارات “المسيح هو الملك”، في ما اعتبره معدّو التقرير “تحولا من الكراهية الخفية إلى العلنية الرمزية”.
ومع حلول شتنبر، بلغت الاعتداءات ذروتها بعد تسع حوادث تضمنت تكسير نوافذ، اقتحامات، ورسائل تهديد، لتستقر الوتيرة في أكتوبر عند تسع وقائع أخرى، لكنها بلغت قمة الخطورة مع هجوم حرق مسجد بيسهافن الذي وصف بأنه “أخطر حادث ضد المسلمين منذ سنوات”.
ويربط التقرير بين هذه الموجة من العنف وتصاعد الحملات القومية اليمينية، خصوصا حملة “Raise the Colours” التي شجعت على رفع الأعلام البريطانية في الفضاءات العامة، ومسيرة “Unite the Kingdom” التي نظمها الناشط اليميني تومي روبنسون في شتنبر، حيث أظهرت البيانات تزامنا لافتا بين هذه التحركات وارتفاع الهجمات، ما يشير إلى أن “الرموز الوطنية استُخدمت كسلاح ترهيب لتقسيم المجتمع بدل توحيده”.
كما أبرز التقرير أن 41% من الاعتداءات تضمنت رموزا أو شعارات دينية ووطنية، و26% كانت عنيفة أو مدمرة شملت التكسير والاعتداء الجسدي والحرق، فيما شملت البقية الرسائل العدائية والعنف اللفظي أو الإلكتروني.
وبيّن أن الاستهداف لم يكن محليا بل امتد من الجنوب الإنجليزي إلى اسكتلندا وويلز، مما يجعله ظاهرة وطنية تتجاوز النطاق الجغرافي المحدود.
ووثق التقرير شعورا متناميا بالخوف والعزلة داخل الأوساط المسلمة، حيث صرح أئمة ومصلون بأنهم باتوا يخشون ارتياد المساجد، وأن النساء وكبار السن هم الأكثر عرضة للتأثر النفسي والاجتماعي.
وأشارت شهادات إلى ضعف تجاوب الشرطة والسلطات المحلية رغم وجود بلاغات سابقة، ما عمق الشعور بالإهمال وفقدان الثقة في المؤسسات الأمنية.
خلص التقرير إلى أن الاعتداءات ضد المساجد باتت تعبيرا عن نزعة قومية متطرفة توظف الرموز الدينية والوطنية لتغذية الانقسام وإقصاء المسلمين من المجال العام.
ودعا إلى خطة وطنية منسقة لمواجهة الظاهرة، تشمل استجابة سريعة من الشرطة خلال 24 ساعة من أي حادث، وتنسيق الجهود بين الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية والمنظمات المجتمعية، إضافة إلى إطلاق برامج تعليمية لتعزيز التعايش ومكافحة الكراهية.
ويحذر معدو التقرير من أن استمرار هذا الاتجاه يهدد قيم التعددية والتعايش التي تقوم عليها المملكة المتحدة، مؤكدين أن حماية المساجد تعني في جوهرها حماية حرية المعتقد وسيادة القانون، وأن ترك هذه الاعتداءات بلا رد حازم سيعني ترسيخ “مناخ تطبيع للكراهية” يهدد أمن المجتمع البريطاني بأكمله.
التعليقات