المسيرة الخضراء… بصمة ملك وفلسفة وطن

6 نوفمبر 2025

الصادق أحمد العثماني – البرازيل

في مثل هذا اليوم من سنة 1975، خطّ المغرب واحدًا من أروع فصول تاريخه المعاصر، حين صدح صوت الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه بنداء خالد، دعا فيه أبناء الوطن إلى السير سلمًا نحو صحرائهم، حاملين المصحف في اليد والعَلَم في القلب. كانت المسيرة الخضراء آنذاك حدثًا سياسيًا وتاريخيًا، لكنها كانت أيضًا je— في جوهرها — فعلًا فلسفيًا عميقًا يجسد فلسفة الوجود المغربي: إرادة الحياة في وجه التحدي، ووحدة الشعب حول رمز الدولة، وإيمان الأمة بعدالة قضيتها دون اللجوء إلى السلاح.

فلسفة المسيرة ليست فقط في استرجاع الأرض، بل في إحياء المعنى — معنى الانتماء، ومعنى التضحية، ومعنى أن تكون الأرض امتدادًا للروح لا للحدود الجغرافية. إنها لحظة تجاوز فيها المغربي ذاته الضيقة ليصبح “نحن”، ليذوب الفرد في الجماعة وتتحول الجماعة إلى فكرة سامية: الوطن.

لقد كانت رؤية الحسن الثاني، رحمه الله، رؤية تتجاوز الزمن. آمن بأن تحرير الأرض لا يتم بالبارود، بل بالإيمان والرمز، وأن قوة الأمة في لحظات الاختبار ليست في الحديد والنار، بل في تماسكها الأخلاقي والروحي. من هنا، تحولت المسيرة الخضراء إلى مدرسة للأجيال، تعلمهم أن النصر ليس فقط في استرجاع التراب، بل في بناء الإنسان الذي يحمل رسالة السلام والكرامة.

واليوم، بعد مرور عقود على ذلك الحدث المجيد، يواصل جلالة الملك محمد السادس نصره الله المسيرة الثانية — مسيرة البناء والتنمية — بنفس الحكمة والبصيرة التي ورثها عن والده، واضعًا المغرب على سكة التحديث والريادة الإفريقية، ومجددًا العهد بأن الصحراء ليست فقط أرضًا مسترجعة، بل قضية وجود ومصير.

وبعد القرار الأممي الأخير الذي كرّس الاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة الكاملة للمملكة المغربية على أقاليمها الجنوبية، يتجدد الأمل ويقترب الموعد التاريخي لنصرٍ وطني شامل. فما هي إلا أيام أو شهور — بمشيئة الله — حتى يحتفل المغاربة بعيد النصر والوحدة، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، انتصارًا للحكمة على الفوضى، وللشرعية على الوهم، وللوطن على دعاوى الانفصال.

إن الذكرى الخالدة للمسيرة الخضراء تذكّرنا بأن التاريخ ليس مجرد ماضٍ، بل فعل مستمر في الحاضر والمستقبل، وأن الأوطان تُبنى بالعقل والضمير كما تُبنى بالعرق والتضحيات.

رحم الله الملك الحسن الثاني، باني فكرة المسيرة ومُلهمها، وجزاه عن المغرب خير الجزاء، وأطال الله عمر جلالة الملك محمد السادس، حامي وحدة التراب وحارس استمرار الفكرة المغربية العظمى.

“الإسلام الإخواني”: النهاية الكبرى

يفتح القرار التنفيذي الذي أصدره أخيرا الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، والقاضي ببدء مسار تصنيف فروع من جماعة “الإخوان المسلمين” كمنظمات إرهابية، نافذة واسعة على مرحلة تاريخية جديدة يتجاوز أثرها حدود الجغرافيا الأميركية نحو الخريطة الفكرية والسياسية للعالم الإسلامي بأكمله. وحين تصبح إحدى أقدم الحركات الإسلامية الحديثة موضع مراجعة قانونية وأمنية بهذا المستوى من الجدية، فإن […]

استطلاع رأي

هل أعجبك التصميم الجديد للموقع ؟

Loading...