دين بريس ـ سعيد الزياني
أصدر المجلس الأعلى للطرق الصوفية بمصر، أمس الأحد، بيانا رسميا تناول فيه الجدل المتداول حول مولد أحمد البدوي، موضحا أن الجدل المثار لا يعكس واقع الممارسات الصوفية، وأن احتفالات المولد تُعد جزء من التراث الديني والثقافي المصري.
وأكد المجلس أن الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين يمثل شعيرة راسخة في الوجدان الإسلامي، أقرّ مشروعيتها كبار العلماء ودار الإفتاء المصرية في عدد من الفتاوى، من بينها فتاوى صادرة في يونيو 2008 وسبتمبر 2021، والتي تعتبر أحمد البدوي من أعلام آل البيت وأئمة التصوف في مصر.
وأشار البيان إلى أن المشاركين في المولد ينتمون إلى فئات مجتمعية متعددة، وأن التجاوزات الفردية التي قد تحدث لا تمثل الطرق الصوفية ولا تعكس منهجها، مشددا على أن التصوف الأزهري الوسطي ظل على مرّ تاريخه مدرسة في الاعتدال والوسطية.
وأوضح أن الاحتفال الرسمي هذا العام جرى في أجواء من السكينة والوقار، واستُهلّ بتلاوة القرآن الكريم، وتخللته فقرات دينية تتناول سيرة أحمد البدوي ومواقفه، واختُتم بالابتهالات والمدائح النبوية في طابع روحاني بعيد عن المظاهر غير المنضبطة.
كما دعا المجلس إلى الالتزام بضوابط الاحتفالات الدينية، المتمثلة في التمسك بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وإحياء الشعائر المشروعة كالصلاة والذكر والصدقة، مع معالجة أي مخالفة بالحكمة والموعظة الحسنة، والتنسيق مع الجهات المختصة لضمان التنظيم الجيد.
واختتم البيان بالتأكيد على أن الطرق الصوفية في مصر تواصل دورها في صون التراث الروحي الأصيل ونشر قيم الاعتدال، وأن التصوف سيظل رافدا من روافد السلم الروحي والاجتماعي في المجتمع المصري.
وأثار الجدل الأخير حول مولد أحمد البدوي حالة نقاش واسعة في الأوساط الدينية والإعلامية المصرية، بعد تداول منشورات وتصريحات تشكك في مشروعية الاحتفال أو في نسب البدوي إلى آل البيت، وهو ما اعتبرته المشيخة العامة للطرق الصوفية “جدلًا مفتعلًا” يهدف إلى إثارة الرأي العام أكثر من كونه نقاشا علميا أو فقهيا.
ويُعد مولد البدوي، الذي يُقام سنويا بمدينة طنطا، أحد أكبر الموالد الدينية في مصر ويستقطب مئات الآلاف من الزوار من مختلف المحافظات.
ويرجع الخلاف في جوهره إلى تباين المواقف من الممارسات الشعبية المصاحبة للموالد، حيث يرى بعض المنتقدين أنها تتضمن سلوكيات تخالف روح المناسبة الدينية، بينما تعتبرها الطرق الصوفية جزء من التراث الروحي والاجتماعي الذي يجسد محبة آل البيت والارتباط الوجداني بأولياء الله الصالحين.
وقد أصدرت دار الإفتاء المصرية فتاوى متكررة تؤكد مشروعية الاحتفال بموالد الأولياء، من بينها أحمد البدوي، وتجرّم الطعن في نسبه أو مكانته الروحية.