12 أكتوبر 2025 / 11:07

الأمانة والمسؤولية بين الرسائل الربانية والرؤية الملكية

ديي بريس. خاص

شهدت قبة البرلمان المغربي بغرفتيه أول أمس الجمعة 10 أكتوبر 2025م الموافق 17 ربيع الثاني 1447 هـ افتتاح الدورة الخريفية من السنة التشريعية الخامسة من الولاية الحادية عشرة، برئاسة أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، في مشهد مهيب يعكس تجديد الالتزام بقيم الوفاء والمسؤولية.

وافتُتحت الجلسة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم من سورة الحج، من قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77] الى آخر السورة : ﴿فنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾

تحمل هذه الآيات رسالة ربانية عميقة لكل من يضطلع بمسؤولية عامة؛ فالعبادة في الإسلام لا تنفصل عن العمل الصالح، والمسؤولية لا تكتمل إلا بالصدق والإخلاص. إنها دعوة للفلاح من خلال العمل النافع، وربط المسؤولية بالأمانة، والإصلاح بالنية الصادقة التي تُبتغى بها مرضاة الله وخدمة الصالح العام.

إن افتتاح الدورة التشريعية ليس مجرد ممارسة دستورية فحسب، بل تأكيدا شرعياً عمليا على مبدأ الأمانة والمسؤولية.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته” [البخاري 2554، مسلم 1829]، لتظل هذه القيم الروحية أساساً لكل ممارسة مسؤولة.

قال الله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]

وتتجسّد هذه المبادئ اليوم في خطابات أمير المؤمنين، لتؤكد على الترابط الوثيق بين المسؤولية والمحاسبة، وعلى تغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية، مع العناية الدائمة بشؤون المواطنين أينما كانوا.  فما فتئ أمير المؤمنين يولي الجالية المغربية بالخارج عناية مستمرة، ويعمل على تعزيز دورهم وتأطيرهم، وتمكينهم نظير اخوانهم بالداخل كما أشار إليه في خطابه السامي يوم 6 نونبر 2024 م الموافق 3 جمادى الأولى 1446 هـ.

وأما خطابه السامي ليوم أمس فإنه يجمع بين الواجب الوطني والمبدأ الشرعي، داعياً إلى تسريع وتيرة التنمية في إطار العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص؛ مع اهتمام خاص بالجيل الصاعد باعتباره عماد المستقبل، وتفعيل برامج تنموية تلبي تطلعات المواطنين.

وختم أمير المؤمنين خطابه بآيتين كريمتين من أواخر سورة الزلزلة؛ تذكّر كل مسؤول بمسؤولياته ومحاسبته أمام الله:

﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 7-8]

إنها دعوة لكل مسؤول للاحتكام إلى ضميره والوعي بأن الله يطلع على كل صغيرة وكبيرة، وأن كل من أُسندت إليه مسؤولية سيُسأل عنها بين يدي الله تعالى.

وبهذا الجمع بين البعد الديني والسياسي، يتجلى النموذج المغربي للقيادة الرشيدة لأمير المؤمنين، التي تستمد قوتها من الشرع الحنيف ومن الأعراف والقوانين الدستورية.

اللهم احفظ ووفّق أمير المؤمنين محمدا السادس لما فيه خير البلاد والعباد وولي عهده الأمين الأمير مولاي الحسن وسائر أفراد الأسرة الملكية وبارك في الأمة المغربية واجعلها في أمن ورخاء.

توقيع:

د. حسن الفاضلي (إمام وخطيب بفرنسا)

د. صلاح الدين المراكشي (إمام وخطيب ومرشد ديني بالمستشفيات والسجون بفرنسا).

د. يوسف نويوار، (باحث في علم الاجتماع، عضو البعثة الثقافية المغربية بفرنسا سابقا)

ذ. إبراهيم امزضاو (إمام وخطيب بفرنسا وباحث بسلك الدكتوراه)

ذة. سناء القرطبي (مرشدة دينية ومتخصصة في الصحة النفسية بفرنسا)

ذة. فتحية المومني (مسؤولة ومرشدة دينية بالمستشفيات بجهة اوكسيطاني بفرنسا)

ذ. محمد المهدي اقرابش (عضو بآكاديمية نيم، إمام خطيب ومرشد ديني بالمستشفيات، عضو بمنتدى الاسلام بفرنسا، عضو بالمجلس الفرنسي للإرشاد الإسلامي)

ذ. محمد آيت زنو (إمام وخطيب بفرنسا)

ذ. عبد اللطيف بن عمر (إمام وخطيب بفرنسا خريج معهد محمد السادس لتكوين الائمة والمرشدين والمرشدات)

ذ. محمد المساوي (إمام وخطيب بفرنسا).