11 أكتوبر 2025 / 10:05

انعكاسات اتفاق غزة على صورة التعايش بين اليهود والمسلمين في أمريكا

دين بريس ـ سعيد الزياني
رحبت الجاليتان اليهودية والمسلمة في الولايات المتحدة باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، الذي أعلن عنه هذا الأسبوع، معتبرتين أنه يشكل خطوة ضرورية نحو إنهاء دورة العنف المستمرة منذ عام، غير أن مشاعر التفاؤل ترافقت مع قدر من الحذر والواقعية حيال مستقبل السلام في المنطقة.

وعبر عدد من القيادات الدينية والمدنية في نيويورك وواشنطن وديترويت وشيكاغو عن ارتياحهم لوقف القتال وإطلاق سراح الأسرى، لكنهم شددوا في الوقت نفسه على أن الاتفاق لن يكون كافيا ما لم يتبعه التزام حقيقي بإعادة الإعمار وضمان العدالة والأمن لجميع المدنيين.

وقالت تقارير إعلامية أمريكية، من بينها شبكة “سي بي إس نيوز” وصحيفة “شيكاغو صن تايمز”، إن الاحتفالات التي شهدتها بعض الأحياء العربية واليهودية في ديترويت وشيكاغو جاءت هادئة ورمزية، إذ فضل كثيرون التعبير عن فرحتهم بالدعاء أو بإشعال الشموع تخليدا لضحايا الحرب من الجانبين.

وأوضحت هذه المصادر أن منظمات المجتمع المدني اليهودية والفلسطينية الأمريكية دعت إلى استثمار الهدنة لتعزيز الحوار المجتمعي داخل الولايات المتحدة، بعد أن سببت الحرب الأخيرة توترات عميقة بين الجاليتين في الجامعات ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

ونقلت صحيفة “بوليتيكو” عن ممثلين عن منظمات يهودية تقدمية قولهم إن الاتفاق يشكل “بارقة أمل” لكنه يذكر أيضا بأن “السلام الحقيقي يتطلب مواجهة جذور الصراع، وإعطاء الفلسطينيين حقهم في العيش بحرية وأمن”.

في حين عبرت منظمات عربية وإسلامية أمريكية، مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، عن ترحيبها بالاتفاق باعتباره استجابة إنسانية طال انتظارها، ودعت الإدارة الأمريكية إلى متابعة تنفيذ بنوده بما يضمن وقف العمليات العسكرية نهائيا ورفع الحصار عن غزة.

وأشارت وكالة “Religion News Service” إلى أن بعض الزعماء الدينيين في الجاليتين نظموا لقاءات مشتركة في معابد وكنائس ومراكز إسلامية، للدعاء من أجل ضحايا الحرب وتعزيز قيم الرحمة والتعايش.

وعبر حاخامات وأئمة عن أملهم في أن يتحول هذا الاتفاق إلى بداية مسار سلام طويل الأمد، مؤكدين أن الحوار بين الأديان داخل الولايات المتحدة يمكن أن يكون نموذجا للتفاهم العالمي إذا ما توافرت الإرادة السياسية لدى القادة في الشرق الأوسط.

وفي الوقت الذي عبر فيه كثير من الأمريكيين من أصل فلسطيني عن ارتياحهم لانتهاء القصف وبدء تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، أبدى آخرون تشككهم في نوايا الحكومة الإسرائيلية، مذكرين بتجارب سابقة فشلت فيها الهدن بسبب غياب الضمانات الدولية.

كما لفتت بعض الجماعات اليهودية المحافظة إلى أن إسرائيل لا تزال تواجه تهديدات أمنية حقيقية، وأن أي اتفاق يجب أن يضمن أمن مواطنيها قبل كل شيء.

وبالرغم من اختلاف المواقف والتوجهات، يجمع المراقبون على أن اتفاق وقف إطلاق النار أعاد بعض الأمل إلى الجاليتين اليهودية والمسلمة في الولايات المتحدة، اللتين أنهكتهما الانقسامات خلال العام الماضي.

وبين التفاؤل الحذر والدعوات إلى الواقعية، يبدو أن اختبار الثقة سيبدأ فعليا مع بدء تنفيذ بنود الاتفاق خلال الأيام المقبلة، في انتظار ما إذا كانت هذه الهدنة ستفتح بابا جديدا للسلام أم ستظل مجرد استراحة قصيرة في صراع طويل ومعقد.