11 أكتوبر 2025 / 09:06

الخبير الأمريكي فريد زكريا: خمس حقائق حول الشرق الأوسط الجديد

إعداد: رشيد المباركي

يرى فريد زكريا في مقاله بصحيفة واشنطن بوست أن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مؤخرا في غزة، في عهد الرئيس دونالد ترامب، يعكس نهجا دبلوماسيا قائما على المعاملات، وواقعا متغيرا في الشرق الأوسط. ورغم أنه لا يزال في مرحلته الأولى وعرضة للانتكاسات، إلا أن الاتفاق يمثل مسارا ملموسا نحو إنهاء العنف المدمر في غزة. كما يبرز كيف تطورت الديناميكيات الإقليمية، ويكشف عن خمس حقائق رئيسية حول المشهد الراهن في الشرق الأوسط.

أولا، تحتل إسرائيل الآن موقع قوة غير مسبوق، وتتوافق شروط وقف إطلاق النار إلى حد كبير مع المصالح الاستراتيجية لإسرائيل، مما يظهر أن أي خطة لوقف الصراع يجب أن تحصل أولا على موافقة إسرائيل. وعلى مدار العامين الماضيين، عززت الانتصارات العسكرية لإسرائيل هيمنتها الإقليمية؛ ثانيا، في حين يمكن إقناع إسرائيل بتقديم تنازلات، فإن القيام بذلك يتطلب نفوذا سياسيا كبيرا وتوقيتا مناسبا. وقد استخدم ترامب نفوذه القوي لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإتمام الصفقة، مستغلا لحظة ضعف دبلوماسي عقب الهجمات الإسرائيلية المثيرة للجدل في الدوحة. وباعتباره قبول حماس الجزئي للخطة التزاما كاملا، تمكن ترامب من إبرام الاتفاق رغم تردد إسرائيل، مظهرا بذلك غرائزه في عقد الصفقات على الساحة الجيوسياسية.

ثالثا، عكست تركيبة طاولة المفاوضات تحولا في الشرق الأوسط. وشملت الأطراف الرئيسية مصر وتركيا وإسرائيل وقطر والولايات المتحدة، حيث مثّل كل منها جانبا مختلفا من ميزان القوى المتغير في المنطقة. وكان تدخل مصر عمليا إلى حد كبير، مرتبطا بسيطرتها على معبر رفح إلى غزة. لكن مراكز القوة الحقيقية اليوم هي إسرائيل ودول الخليج، التي استفادت من ثروتها الهائلة من الطاقة ومرونتها الدبلوماسية للتوسط بين الأطراف المتعارضة. وفي غضون ذلك، لا تزال تركيا طرفا مؤثرا، متذبذبا بين التعاون الإقليمي والشعبوية الإسلامية.

رابعا، ضعف نفوذ إيران بشكل ملحوظ، فبعد أن كانت طهران في السابق المحرك الأيديولوجي والعسكري للمشاعر المعادية لإسرائيل في العالم العربي، تعاني الآن من اضطرابات داخلية، وتدهور اقتصادي، وضربات إسرائيلية متكررة على بنيتها التحتية النووية والعسكرية. وقد أدت هذه الضربات، بما في ذلك سلسلة من الهجمات المدمرة في وقت سابق من هذا العام، إلى تآكل قدرة إيران على استعراض قوتها وزعزعة استقرار جيرانها، مما أوجد مساحة دبلوماسية جديدة للتفاعل العربي الإسرائيلي. وخامسا ورغم الاضطرابات التي تشهدها المنطقة، فإن أي سلام دائم يعتمد في نهاية المطاف على إحياء حل الدولتين. وكما جادل الدبلوماسي الراحل مارتن إنديك، فقد أثبت التاريخ أن كل بديل – من احتلال غير محدد إلى دولة واحدة – قد باء بالفشل.

يضيف الخبير أيضا أن وقف إطلاق النار الحالي قد يصمد لكن الهدوء الدائم سيتطلب من ترامب أن يتجاوز الصفقات قصيرة الأجل وأن يتبنى رؤية طويلة الأجل تتضمن دولة فلسطينية ذات سيادة إلى جانب إسرائيل. وإذا فعل ذلك، فقد يصبح السلام الناتج ليس مجرد انتصار سياسي، بل إرثا ذا أبعاد تاريخية.