بقلم د. سالم الكتبي
سلام المغرب سلام عليك… برداً وسلاماً عليك يا مغرب الأحبة.
أكتب إليك اليوم يا أرض الخير والوفاء، وفي قلبي محبة لا تحدّها حدود، وفي روحي حنين لا ينطفئ. أكتبك لا كجغرافيا تُرسم على الخرائط، بل كروح تسكن الوجدان، وكبيت يأوي القلوب التائهة لتجد فيه الطمأنينة والسلام.
مغربي الحبيب أنت كنت ولا تزال كالأطلس في شموخه، وكالبحر في عمقه، وكالصحراء في صبرها وثباتها.
المغرب ليس أرضاً عابرة، بل وطن متجذر في التاريخ، عرفت شوارعه الأذكار الصوفية، ورددت جباله أصوات الأمازيغ، واحتضنت مدنه نَفَس الأندلس الذي لم ينقطع.
فاس العتيقة، مراكش الحمراء، طنجة العالية، الرباط العريقة، والعيون الحصينة، كلها تشهد أن المغرب ليس اسماً على خريطة، بل قصيدة تُتلى وأفق يتجدد، وبيت واسع يفتح أبوابه لكل من قصده بالحب والوفاء.
إن عصفت بك الأحداث، فإنك لا تتضعضع، بل تزداك لحمة. المشهد كما نراه أبلغ من أي خطاب، شاب وشيخ وامرأة، الجميع يلهج بدعاء واحد، اللهم احفظ المغرب ومليكه وشعبه، وابعِد عنا الشر والبلاء، وأدم علينا الأمن والأمان.
وفي ختام أصواتهم المتهدجة ارتفع الوجدان كله بنداء محبة، برداً وسلاماً عليك يا مغرب الأحبة، كأن الوطن كله صار قلباً واحداً يتنفس الطمأنينة ويرجو رحمة السماء.
وفي قلب هذه الأرض يقف الملك محمد السادس رمزًا للثبات والوحدة، يطلّ على شعبه كما يطلّ الأب على أبنائه، بعينٍ لا تنام عن همومهم، وبقلبٍ يفيض رحمةً وحرصًا.
لقد اعتاد المغاربة أن يروا في ملكهم ليس فقط قائدًا سياسيًا، بل سندًا معنويًا ومرجعًا للأمان. وحين تتزاحم الأقدار وتشتد الخطوب، يكون حضوره رسالة طمأنينة، كأن صوته دعاء جماعي يبعث الأمل من جديد.
هو عنوان لاستمرار البيت المغربي الكبير، وضمانة أن المغرب، أرضًا وشعبًا، سيبقى قائمًا على العدل والتلاحم، لا تنال منه العواصف ولا تعصف به الفتن.
سلام عليكِ يا مغرب الطيب، فما زلتِ داراً للحب وموطناً للأمان. اسمك يحمل في طياته السكينة، وأرضك تفيض بالطمأنينة. حتى في لحظات المحنة، كنت كالأم التي تحمل وجعها بصمت، وتواسي أبناءها بالدعاء، وتداوي جراحها بالصبر. كل محنة عبرت بك كانت جسراً إلى منحة أكبر، وكل جرح صار بداية لحياة أكثر إشراقاً.
سلام عليك في صباحك حين تشرق الشمس على جبالك، وسلام عليك في مسائك حين تتهادى أنوار الأسواق وأصوات الأذان.
إنني أكتبك اليوم كإنسان يبوح بمحبة صادقة، فالمغرب يسكن في القلب كما تسكن الأغنية في الروح، وحين يُذكر اسمك تهبّ في النفس رياح الأندلس، ويُسمع صدى الطبول الأمازيغية، وتعود أصداء الزوايا الصوفية التي علّمت الناس أن السلام يبدأ من الداخل قبل أن يفيض على العالم.
سلام عليكِ يا مغرب الأحبة، سلاماً لا ينقطع ما دامت السماء تمطر وما دامت الأرض تنبت. سلاماً يليق بمجدك وبأبنائك وبمدنك وبقراك. سلاماً يعلو على الأحداث، ويُبقيك وعد الغد الجميل.
وإن سألتني ماذا أرى فيك بعد هذه الأيام الثقيلة، سأقول، أرى وطناً يزداد جمالاً، وشعباً يزداد تماسكاً، وروحاً يزداد إشراقاً.
أرى المغرب كما كان دوماً، حضناً دافئاً، بيتاً لا ينهدم، ومرفأً للروح حين تتيه في بحار الدنيا.
ومن أراد بك شراً نسأل الله أن يجعل كيده في نحره، وأن يرد تدبيره تدميراً عليه، وأن يحفظك بعينه التي لا تنام، ويظللك برعايته التي لا تزول، ويجعل هذا الوطن آمناً مطمئناً إلى يوم الدين. فتتَ الله طوابير الضباع، وشتّت شملها وفرق جمعها، وعسى ألا تقوم لكل غراب ينعق قائمة، ولا لتلك البومة الملعونة راية.
سلام المغرب سلام عليك… برداً وسلاماً عليك يا مغرب الأحبة.