إيمان شفيق
على مدى ثلاثة عقود، تم تنفيذ تحويل هائل بمباركة الحكومات الفرنسية المتعاقبة، كما نقرأ في مقدمة هذا الكتاب الذي صدر مؤخرا، وهو من تأليف ماثيو آرون، كارولين ميشيل أغير. من جهة، استمرت الضغوطات في الارتفاع على دافعي الضرائب “العاديين”. من جهة أخرى، يتم تحويل المال المأخوذ من الضرائب، جزئيا، نحو الأفراد الأكثر ثراء، والشركات الكبرى ومساهميها. “في بلد لطالما تم تقديمه كنموذج للمساواة، أصبحت الضريبة في النهاية مقلوبة تدريجيا”، حسب ما يلخص ماتيو أرون وكارولين ميشيل-أغير.
يُقدم الكتاب تقديرا غير مسبوق لمجموع “التحويلات” المالية المزعومة: حوالي 270 مليار يورو سنويا. يشمل هذا التقدير كل من المساعدات المباشرة للشركات، والامتيازات الضريبية التي تستفيد منها وكذلك مساهميها، والإعفاءات من رسوم الضمان الاجتماعي.
كما يؤكد ماتيو أرون وكارولين ميشيل-أغير أن هذه التحويلات هي سطو بدون سلاح أو عنف، يتم في قلب نظام الدعم المعقد للشركات. وأن المبلغ الإجمالي لهذه المساعدة، هو أكثر من ثلاثة أضعاف ميزانية التعليم. سبع وعشرون مرة أكثر من ميزانية وزارة العدل الفرنسية. ومن نتائج ذلك، أنه يتم ضخ هذا السيل من الأموال العامة دون أي مقابل. ومن جهة أخرى، يغني الشركات متعددة الجنسيات التي تحقق بالفعل أرباحا ضخمة، والتي لا تتردد في تسريح العمال أو اغتناء الأثرياء.
للإشارة، فإن هذا الكتاب هو نتيجة عشرات من التقارير المالية التي تم تحليلها، ومئات الساعات من المقابلات مع كبار المسؤولين والسياسيين البارزين. هذه التحقيقات تحلق بنا في قلب نظام يعتبر، حسب اعتراف حتى الليبراليين البارزين، خارج السيطرة.