محمد زاوي
إن النبي (ص) الذي اعتكف بغار حراء هو نفسه الذي غزا في بدر وأحد..
إن الذي تلقى الوحي هو نفسه الذي اقتحم التاريخ.
***
بدخول النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى يثرب، بدأت مرحلة جديدة من مراحل البعثة النبوية. بدأ التاريخ، وأخذت “دولة المدينة” تتلمس طريقها للتأسيس. هناك أربع أطروحات في وصف هذا “الكيان الجديد”:
-أطروحة تنفي وجود دولة في المدينة وإنما هي دعوة تبلَّغ للناس ويحميها رجال المهاجرين والأنصار في المدينة.
-أطروحة تسمي هذا الكيان “دولة اللادولة” (عبد الله العروي في “مفهوم الدولة”).
-وأطروحة تحكم بالظاهر وتقول بوجود دولة في المدينة لها عناصرها المادية والمعنوية ومؤسساتها وتشريعها واقتصادها ونظامها الخاص.
-وأطروحة رابعة ترى في ما بلغنا عن “كيان المدينة” مقدمات أولى اجتماعية وسياسية وإيديولوجية لتأسيس دولة.
وربما يعفينا مستقبل “الكيان المديني” من الخوض في غمار هذه الأطروحات، فلو لم تكن المدينة أساسا لدولة لاحقة لما كانت هذه الدولة.. ووجب التمييز بين “الدولة المدينة” و”الدولة العربية الإسلامية”، وبينهما وبين “الدولة الإمبراطورية”. لقد مرّ الإسلام بهذه المراحل الثلاث قبل أن يستقر على “دول تنظيمات” (قبل الاستعمار/ “مفهوم الدولة” للعروي).
(يتبع)