إعداد: رشيد المباركي
أصبحت الشبكات الاجتماعية، التي تم الإشادة بها في الأصل كأدوات نوعية في التواصل، وامتداد لا نهائي لحقول المعرفة، تظهر بشكل متزايد بوجهها الغامق: كأدوات للاستقطاب السياسي، ونشر الأخبار الكاذبة، والتلاعب، وعدم التوازن النفسي.
هذا ما خلصت إليه نتائج تقرير فرنسي صدر عن لجنة التحقيق البرلمانية حول الآثار النفسية لتيك توك على القاصرين، والذي انفردت صحيفة “لوموند” بعرض أهم خلاصاته.
مما جاء في النتائج أيضا التوقف عند التأثيرات الضارة لمواقع التواصل الاجتماعي، على القدرات المعرفية، وحتى الصحة النفسية للشباب في جميع أنحاء العالم، بل وصفها التقرير بأنها “سم بطيء” و”آلية مميتة”، ولا يتردد النواب في استخدام استعارات دالة لوصف مصنع المعاناة الذي تُعتبر هذه التطبيق الغني بالفيديوهات القصيرة، حيث يعتقد المنتخبون أن تيك توك يُعرّض الأطفال والشباب عن علم لمحتوى سام، خطر، وإدماني، بعد ستة أشهر من التحقيق.
من خلال تأثيره الإدماني، يبدو أن تطبيق تيك توك “يشجع على ظهور” الاضطرابات النفسية و”يُسرع من اتخاذ الإجراءات”: ليس فقط المحتويات العنصرية واللاسامية والتمييزية ضد النساء أو الذكور تتفشى على تيك توك، ولكن الصحة النفسية للمستخدمين، التي تتعرض للتهديد، تُعد موضوعا للمعلومات المضللة.
إذا كانت المنصة الصينية التي أُطلقت في 2016، والمشهورة بين المراهقين، تُعتبر في قلب المخاوف، فإن تطبيقات أخرى مثل إنستغرام وسناب شات ومنصة إكس تثير نفس الانتقادات، نظرا لأن نموذجها الاقتصادي، وبالتالي خوارزميتها، يعتمد على منطق مماثل: جذب الانتباه بكل الوسائل من أجل جمع أكبر قدر ممكن من البيانات الشخصية. وهو “نموذج” تم وصفه بأنه “استغلالي جوهري” في عام 2023 من قبل منظمة العفو الدولية.
في زمن تعتبر فيه حماية الأطفال والمراهقين، أولوية أكثر من أي وقت مضى، يبدو أن تركهم بلا حماية في هذا الغابة الرقمية التي تتجاهل العديد من القواعد الأساسية للحياة المجتمعية، بل وحتى القوانين الجنائية، انتحارا اجتماعيا، ولذلك يوصي التقرير بمجموعة من الإجراءات التوعوية الخاصة بالشباب وعائلاتهم تهدف إلى تعريفهم بالمخاطر، ومنها التفكير في حظر وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم أقل من 15 عاما وفكرة فرض “حظر تجوال رقمي” يجعل وسائل التواصل الاجتماعي غير قابلة للوصول بين الساعة 10 مساء و8 صباحا خلال المؤتمر المواطن حول أوقات الأطفال الذي أُطلق في يونيو، ويتوجب أن تكون موضوعا للتشاور الأوروبي.