11 سبتمبر 2025 / 20:00

تَمَسكوا بالعروة الوثقى، ودَعوا عنكم السياسيين في ثوب علماء

د. الناجي لمين. أستاذ في دار الحديث الحسنية. الرباط

أول شرط في الاجتهاد في أي علم من العلوم هو أن يستطيع الشخص الذي يدعي الاجتهاد أن ينقل العلمَ كما قاله أصحابُه، وأن يحكي تاريخ العلم كما وقع فعلا. تصوروا شيخا تحدث في أكثر من دقيقتين بكلام لا يوجد فيه شيء صحيح، كله غلط وكذب.
ومع ذلك يقول لك بعض أتباعه: (ويبقى مع ذلك عالما مجتهدا!)
ونحن نسألهم: كيف عرفتم أنه مجتهد، ولم تعلموا أن ما قاله هنا غلط في غلط، ولم تستطيعوا الدفاع عنه علميا؟! ما هي المعايير التي استعملتموها للحكم عليه بأنه مجتهد؟!
أحد الفضلاء نشر كتبه ليُدَلل على ذلك!!! طيب أسيدي:
أولا: هناك علماء لهم مصنفات كثيرة جدا، ولم يدعوا الاجتهاد ولم يُعترَف لهم غيرهم بالاجتهاد. فهل يستطيع أن يكتب ما كتبه ابن حجر العسقلاني مثلا؟! ومع ذلك فابن حجر فقيه شافعي مقلد.
ثانيا: مَن أدراك أن كل ما كتبه: إما أنه وعظ وإرشاد، وإما انه كلام موجه لطائفته وجماعته، وإما انه غلط في غلط وكذب في كذب.
وبعبارة أخرى: كيف تصفونه بالاجتهاد وأنتم لستم مؤهلين علميا لتحكموا عليه بذلك؟!.
إذا قلتم لي: إن هناك من المشايخ والاساتذة الذين قالوا إنه مجتهد وإمام، قلنا لك: مِن هؤلاء الأساتذة مَن هو متابع لهذه الصفحة المغمورة، ويقرأ ما أكتب، ومع ذلك لم يتدخل عندما أتحدث عنه، لأنه يعرف النتيجة. وبإمكانه كذلك أن يرد كلامي على صفحته، ويُبين كذب ما أقول.
ثالثا: هب أنه مجتهد، فما ذا أفادنا اجتهاده؟! الآن الدولة الحديثة عندها مؤسسات هي التي تسير حياة الناس، وتحل مشاكلهم. وفي المغرب عندما تضيق السبل بفقهاء القانون المدني يلتجئون الى كتاب البهجة شرح التحفة للفقيه المقلد التسولي، أو غيره من شراح خليل، أو شراح التحفة، فيجدون فيه الحل لمعضلتهم. بل إن مختصر خليل المالكي استفادت منه بعض الدول الأوربية في قوانينها. وإذا جمعتَ كتب القرضاوي كلها وكتب رشيد رضا كلها وكتب طه جابر العلواني كلها وأمثالهم فلن تستطيع أن تُسير بها سكان حي واحد من مدينة واحدة.
ياجماعة الخير، ليَكُن ولاؤكم لدينكم الموروث الذي أوصله إليكم الألوف المؤلفة من العلماء الأتقباء الراسخين. ودَعُوا عنكم السياسيين في ثوب علماء. هؤلاء يمارسون السياسة. وإلا كيف يتجرأ هذا الشيخ على الإفتاء بقتل الشيخ البوطي ومن معه مِن العلماء على الهواء مباشرة، وقُتل البوطي ولم يقتل غيره!! وجاء الشيخ في منتصف الليل أو جيء به ليُفتي بقتل القذافي، وقتل!! هل العلماء المجتهدون يفتون بقتل الناس وليس عندهم هذه الصفة؟! من أعطاه صفة الإفتاء بالقتل؟! القتل في الإسلام وفي جميع القوانين لا يكون إلا بحكم قضائي.
المبرر للفتوى بالقتل هو السياسة، ولا شيء غير السياسة.
إن وصف دين المسلمين الموروث بأنه مجموع أحوطيات، لهُوَ من أكبر الجرائم في حق المسلمين. وهو أكبر إهانة لهم.