محمد أومليل
شهد بذلك بعض الصحابة على رأسهم عثمان بن عفان المشرف على جامع القرآن ونسخه ونشره، وأم المؤمنين عائشة اللبيبة الفقيهة، وعبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، وعبد الله ابن مسعود المجاهر بالقرآن فقيه الأمة، وغيرهم ليسوا بقلة.
ورد في كتاب الإتقان:
” عن عكرمة قال: لما كتبت المصاحف عرضت على عثمان فوجد فيها حروفا من اللحن فقال: لا تغيروها فإن العرب ستغيرها بألسنتها، أو قال ستعربها، بألسنتها “(1).
” عن هشام بن عروة عن أبيه قال: سألت عائشة عن لحن القرآن في قوله تعالى:
( إن هذان لساحران) طه 63 عوض: (إن هذين).
وعن قوله تعالى: ( والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ) النساء 162 عوض: (والمقيمون الصلاة).
وعن قوله تعالى: ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون ) المائدة 69 عوض: (الصابئين).
فقالت عائشة: يا ابن أخي هذا عمل الكتاب أحطؤوا في الكتاب، هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين “(2).
” إنكار ابن عباس رضي الله عنهما قراءة: (إذا قومك منه يصدون) بضم الصاد، من سورة الزخرف 57، والصواب في رأيه: بكسر الصاد “(3).
” عن ابن عباس في قوله: (حتى تستأنسوا وتسلموا) النور 27، قال: إنما هي خطأ من الكاتب (حتى تستأذنوا وتسلموا)”(4).
في تفسير الألوسي: ” (وما هو على الغيب بضنين) التكوير 24، قرأها ابن مسعود ب (بظنين) “؛ كون الرسول له يقين بالغيب بعيد كل البعد عن الظن المذموم في القرآن.
” عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ: (والمقيمين الصلاة) النساء 162، ويقول: هو لحن من الكتاب “(5).
عند الطبري في تفسيره قوله تعالى: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه ) الإسراء 23، قال: ” إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصارت قافا “، أي (ووصى) صارت (وقضى)؛ كون قضاء الله نافذ، وذلك لا يجوز في الأوامر والنواهي كون الإنسان مخيرا، لذا (وصى) أولى من (قضى).
إلى غير ذلك من مواطن اللحن التي لاحظها بعض الصحابة وهي كثيرة لا يمكن ذكرها بمجملها، بل اقتصرنا على تلك الإشارات الخفيفية.
بالإضافة إلى ما تم رصده من قبل بعض الباحثين، مثالا لا حصرا:
( هذان خصمان اختصموا في ربهم ) الحج 22، عوض: (اختصما).
( وخضتم كالذي خاضوا ) النور 69، عوض: (كالذين).
( فأصدق وأكن ) المنافقون 63، عوض: (فأصدق وأكون).
(مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم ” البقرة 17، عوض: (ذهب الله بنوره).
إلى غير ذلك من مواطن اللحن، فمن أراد التوسع في الموضوع فعليه بمصادر علوم القرآن وعلى رأسها (الإتقان في علوم القرآن) للسيوطي و(كتاب المصاحف) لابن أبي داود، وغير ذلك من المصادر المعتبرة.
كل ما تقدم ذكره لم يغير شيئا في جوهر القرآن من حيث أصوله وحلاله وحرامه وقيمه وقواعده وسننه الناظمة للإيمان والعمران.
الجدوى من الاطلاع على ذلك وإظهاره؛ اكتساب جهاز المناعة ضد كل ما من شأنه أن يصدنا عن كتاب الله من خلال حملات التشكيك التي تزخر بها مواقع التواصل الاجتماعي في عصر الثورة العلمية والرقمية حيث بدأ الإلحاد ينتشر؛ عدد اللادينيين ما يقرب من رقم ملياري منهم: ملاحدة، ربوبيون، لاأدريون..!
المراجع:
-5،2،1، 262/2.
– 3، ابن الجزري، تقريب النشر، ص 171.
-5، الطبري، جامع البيان، ص 296/9.