28 أغسطس 2025 / 09:33

الدراسات القرآنية بين القديم والحديث: ألفة يوسف

محمد أومليل

جريئة ومحاورة جيدة، تسترسل الكلام بسلاسة دون توقف مع امتلاكها لسرعة البديهة وسرعة الإلقاء بشكل فظيع، تحاور دون تعصب أو انفعال، دوما تلقي الحجرة في المياه الراكدة وتقتحم التابوهات، تؤمن إيمانا شديدا بالاختلاف وحرية التفكير والتعبير، وترفض إقصاء الغير كيف ما كانت أفكاره وقناعاته وأراؤه ومعتقداته، حركية تمتاز بطاقة حرارية هائلة من حيث القول والفعل والحركة، رباعية الأبعاد (علمانية، صوفية، إنسانية، كونية)، مثيرة للجدل والنقاش الكل ينتقدها؛ الإسلاميون والحداثيون كون حبل تصورها مفتولا من عدة خيوط مختلفة الألوان وفق ما تقدم ذكره (الأبعاد الأربعة)، دائمة الاستدراك والمراجعة والتحول.
ألفة يوسف تونسية من مواليد 1966 مفكرة باحثة كاتبة منشطة إعلامية، أكاديمية تخصص اللغة العربية واللسانيات مهتمة بالحضارة العربية والإسلاميات والصوفيات والدراسة القرآنية، حاصلة على شهادة الدكتوراه حول “تعدد المعنى في القرآن”، متأثرة بابن عربي وجلال الدين الرومي وأرتور شوبنهاور ولوديغ فيتغنشتاين، تعتقد بالإيمان الفردي والخلاص الشخصي، لها مؤلفات باللغة الفرنسية والعربية، من أشهر مؤلفاتها (حيرة مسلمة). بالإضافة إلى كتب أخرى حول التصوف والقرآن:
– وجه الله
– حبيبات الله
– والله أعلم
– قراءة في أركان الإسلام
– الأخبار عن المرأة في القرآن والسنة
– تعدد المعنى في القرآن.
الحجاب، حسب فهمها، عادة اجتماعية وليس فريضة دينية، ورهين بالحرائر دون الإماء وفق سياق تاريخي وعلة اجتماعية؛ حسب ما ورد في سورة الأحزاب: “ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين” (الآية 58 وما بعدها).
وذكرت أن عمر بن الخطاب كان يمنع الإماء من ارتداء الحجاب.
بالمناسبة لقد أنجزت عدة رسائل جامعية ناقشت موضوع عدم وجوب الحجاب، من ضمنها رسالة دكتوراه في الشريعة والقانون للدكتور مصطفى محمد راشد عام 2013، حيث أكد أن الحجاب عادة اجتماعية وليس فريضة دينية، لذلك ألفة يوسف لا ترتدي الحجاب.
بالإضافة إلى آراء أخرى تعد من المسلمات، بالنسبة لأغلب المسلمين، قامت بتفنيدها بأدلة نقلية وعقلية، من ضمنها “صلاة الجمعة بدعة” (حسب تعبيرها)؛ قتلت الموضوع بحثا ودراسة ونقاشا.(1).
على أي، اختلاف الرأي ليس عيبا بل وجب القبول به لا سيما في العلوم الإنسانية والاجتماعية والدينية، المهم التفاعل معه بالحجة والبرهان والدليل مع الاحترام والتقدير وبمعزل عن الشخصنة وتلفيق التهم.
منهجها المعتمد في التعامل مع القرآن:
” اعتمدت على المنهج اللساني ووظفت في بحثها (تعدد المعنى في القرآن) مسائل النحو والصرف والبلاغة والمنطق والفقه والحجج والتحليل النفسي وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا والسيمولوجيا، كما تعتمد كذلك على مفهوم مركزي يعرف ب (المعنى المقاصدي) في اللغة وهو المفهوم الذي ينظر إلى الهوية باعتبارها تماثلا بين مواضيع العلامات اللغوية وليس بين مفسريها “(2).
في نظر الأستاذة لا اختلاف حول “الماصدق اللغوي” بل الاختلاف يكمن في “تعدد المفاهيم”.
من ضمن أهدافها للكتاب (تعدد المعنى للقرآن):
” يسعى هذا الكتاب لتقديم ضروب تعدد المعنى في القرآن من خلال المفسرين، وينتهي البحث إلى الإقرار بوجود معنى أصلي للقرآن في اللوح المحفوظ؛ وهذا المعنى ممتنع لا يعلم تأويله إلا الله بحسب المؤلفة “(3).
الحداثيون لا يقبلون منها الحديث عن اللوح المحفوظ وعن الإيمانيات والروحانيات والصوفيات، وكذلك الإسلاميون لا يقبلون تفنيدها لمسلماتهم الدينية الموروثة دون تبين عن مدى صحتها.
فهي عرضة للنقد والانتقاد من كل التوجهات، بل هددت بالقتل عدة مرات، وحين سألوها عن ذلك؟ أجابت بكل أريحية وطمأنينة: لا مفر من الموت وإن تعددت الأسباب!
الجميل في الأستاذة ألفة يوسف؛ قبولها بالاختلاف ورغبتها الشديدة في الحوار والنقاش بكل هدوء وقابلية المراجعة والاستدراك والتحول وعدم إقصائها للآخر المخالف، بل تقول مرارا: أنا مختلفة عنهم بوجودهم لولاهم لما كان لي رأي مخالف، فأنا مدينة للآخر المختلف!
حسب رأيي الشخصي، العنصر النسوي في تونس، مشهود لهن بالشجاعة في الاشتغال على التراث الإسلامي على أساس رؤية نقدية مزدوجة، لهن في ذلك عدة بحوث ودراسات جامعية وغير جامعية، في مجالات متنوعة حول التراث الإسلامي بما في ذلك المخطوطات القرآنية. كما سنرى في الفقرة القادمة مع أسماء الهلالي.
المراجع:
– ألفة يوسف، الحجاب ليس فريضة دينية، اليوتيوب.
-3،2، أحمد نصيب، “ألفة يوسف نموذج من القراءة التحليلية: تعدد المعنى في القرآن”.