9 أغسطس 2025 / 22:51

التدين المغربي في حاجة إلى نخبة حداثية تدافع عن الدين وتؤوله وطنيا

محمد زاوي

هناك تيارات تدافع اليوم عن الدين بمنطقها الخاص، أي تدافع عن إيديولوجياتها الخاصة، مستغلة في ذلك الحاجة التاريخية لهذا الدفاع.

والحذر منها يجب أن يسلك مسلكين:

-في موضوع المصلحة التاريخية: فأغلب هذه التيارات لا تعنيها المصلحة التاريخية، بقدر ما تعنيها إيديولوجياتها الخاصة تناور بها تحت قناع “مصلحة الجميع”. والأخطر من ذلك، أنها قد تُستغَل ضد المصالح الجامعة في فترات فارقة من التاريخ، وهي اليوم تُستغَل ضد التفكير الاستراتيجي في المصلحة ومصادره المعرفية والمنهجية.

-في موضوع العقل: إنها تعيد إنتاج التخلف الفكري والمعرفي، مستغلة شرط “استهداف المصالح الجامعة باستهداف الدين”.. وحيث تدافع عن الدين كمطلب جماعي، فإنها تعرقل مطلبا جماعيا آخر هو العقل.

يجب أن تفطن النخبة لهذا الواقع، ويجب أن تنتج بديلا حداثيا مغربيا يتبنى الدفاع عن الدين ولا يعاديه. لكن، ما مضمون التدين الذي يجب أن تدافع عنه النخبة الحداثية؟ المطلوب: مضمونٌ يخدم مصالح الدولة في حفظ سيادتها، ومصالح المجتمع في حفظ تماسكه وحقوقه ودعم دولته.

بعض أفراد اليسار، وكثير من دعاة الحداثة (الحداثويين)؛ عوض أن يتوجهوا بالنقد إلى الإيديولوجيات الدخيلة على التدين المغربي، يستنزفون طاقتهم في تفكيك التراث ككل، واستهداف رموزه الفقهية والكلامية والسلوكية. إنهم بذلك يستهدفون “تقليد الدولة” لا “التقاليد الدخيلة”، المذهب لا “فقه الأثر واللامذهبية”، الكلام لا “السيولة الكلامية وقول المجسمة”، التصوف لا “تدين الظاهر والجفاء”، القراءة لا “التفسير بالحرف”، الحديث لا “خلط التصرفات”.

النخبة الحداثية المطلوبة تدافع عن “التقليد”، لأنها وحدها القادرة على جعله حديثا باستصحابه في شرط جديد، وإعادة إنتاجه على ضوء الإشكاليات المعاصرة. فإذا هي واجهته، أي التقليد، نفخت من روح الحياة في تيارات لا تفهم فهما سديدا وتاريخيا، لا مسائل العقل ولا المصلحة ولا الدين ولا الوطن.