محمد أومليل
ما تقدم بيانه حول إنجازات الحداثة المنهجية والعلمية والفكرية؛ كان بمثابة مصادر وأدوات المعتمدة لدى المستشرقين والاستشراق بشكل عام لا سيما في الدراسات الإسلامية عموما والدراسات القرآنية على وجه الخصوص الذي نحن بصدد الاشتغال عليه من خلال أربعة مراحل، مر منها:
– الدراسات القرآنية القديمة.
– الدراسات القرآنية الجديدة.
– الدراسات القرآنية الحديثة؛ هو موضوع هذا الفصل الرابع الذي نحن في بداية الاشتغال عليه.
– دراسة قرآنية معاصرة.
هذا الأخير موضوع الفصل القادم الخامس.
“الاستشراق” علم قائم بذاته يدرس في الجامعات وله مؤسساته ومراكزه، سبقته اجتهادات فردية في بداية مرحلة النهضة لدى الغرب إبان ازدهار الحضارة الإسلامية ما بين القرن السابع الميلادي والقرن الثاني عشر.
باختصار شديد، المستشرق: باحث غير عربي ولا شرقي متخصص في دراسة الشرق (العربي والعجمي) للغته وآدابه وتاريخه وفنه وحضارته.
الاستشراق: علم له مناهجه ووسائله وأهدافه يدرس الشرق، العربي والعجمي، من جميع مجالاته وثقافاته العالمة والشعبية والشفهية بما في ذلك العقائد والعادات والقيم والتقاليد.
منه الكلاسيكي الذي بدأ مع بداية النهضة إلى أواخر القرن العشرين، ومنه الجديد الذي ظهر مع نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة، تحديدا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.
المستشرقون الأوائل الذين كانوا بمثابة رواد الاستشراق، في مجال دراسة الإسلام تحديدا، كان هدفهم رصد مواطن القوة لدى الحضارة الإسلامية وسر تقدمها وتفوقها من أجل الاقتداء، من ضمنهم:
– القديس يوحنا الدمشقي المتوفى سنة 749 ميلادية.
– ثيوفانيس البيزنطي المتوفى سنة 818 ميلادية.
– بيروس ألبينوس المتوفى سنة 1156.
– جيراردي أورلياك المتوفى سنة 1003.
– جيروم أوسيلو المتوفى في القرن الثاني عشر الميلادي، من ضمن إنجازاته ترجمة أجزاء من القرآن.
ثم ما لبث أن انتشر الاستشراق في بلدان الغرب والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، قديما، والصين واليابان..، إلى غير ذلك من الدول التي اهتمت بالاستشراق.
ازدهر كثيرا من قبل دول الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والإسباني والألماني..، وغيرهم من دول الاستعمار.
هؤلاء كان هدفهم من الاستشراق رصد مواطن الضعف للبلدن المستهدفة لاستعمارها وتقسيمها والتحكم فيها؛ دراسة من أجل الكيد والتسلط.
يطلق عليه: استشراق كولونيالي، أي استشراق استكشافي في خدمة الاستعمار.
هناك استشراق هدفه علمي قريب من علم الاجتماع همه رصد كل ما هو موضوعي من أديان وعقائد وعادات وتقاليد وثقافات وقيم؛ هؤلاء يمثلون القلة، ومنهم من أسلموا كنتاج لدراستهم العلمية والموضوعية؛ دراسة إبستيمولوجية خالصة.
من ضمنهم نساء مثل: إيفلين كوبولد بريطانية، ماريا دين ألمانية، فيرجينيا فاكا إيطالية، مارغريت ماركوس أمريكية، آت ماري شيمل ألمانية، مونيكا غارسيا غوميز إسبانية.
على العموم مجالات الاشتغال لدى الاستشراق متعددة جغرافيا وتاريخيا وموضوعاتيا، الأهم، بالنسبة لنا، ما له علاقة بالدراسات القرآنية حصريا كونه موضوع بحثنا المتواضع.
موقف علماء المسلمين من الاستشراق والمستشرفين يختلف من عالم لآخر؛ لكن الأغلبية لديها موقف سلبي بسبب تعميم الاستشراق الكولونيالي على جميع المستشرقين، وذلك مخل للعلم وللموضوعية والإنصاف، المستشرقون ليسوا سواء، بل منهم النزهاء الذين همهم علمي معرفي إبستيمولوجي بامتياز، قد يصدر عنهم بعض الحقائق الصادمة لعلماء مسلمين بحكم جهلهم بكل ما ورد في مصادر التراث الإسلامي، والناس، عموما، أعداء ما جهلوا.
كاتب هذه السطور توصلت بأحاديث نبوية في كتب بعض المستشرقين صدمتني كوني لم اسمع بها طيلة اشتغالي في مجال العلم والدعوة ما يقرب من أربعين سنة!
لقد اشتغلوا على مئات الأحاديث غير متداولة بين علماء مسلمين!
هذا فيما له علاقة بالحديث، ناهيك عن تحليلاتهم القيمة وإضافاتهم المفيدة ورصدهم لما هو مهمل من مصادر على سبيل المثال اكتشافهم كتاب “مقدمة ابن خلدون”!
على العموم، المستشرقون ليسوا سواء، منهم عملاء، ومنهم شرفاء.
و”الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها”.