12 يوليو 2025 / 13:36

الدراسات القرآنية المعاصرة: ترجمة القرآن

محمد أومليل

معلوم أن عملية الترجمة في غاية الأهمية من حيث التجاسر المعرفي بين الشعوب والحضارات ومما يساهم على بناء العمران الإنساني في شقه المعنوي.
بدأت عملية الترجمة منذ الحضارات القديمة مثل اليونانية والرومانية، وعمل بها المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث أمر زايد بن ثابت أن يترجم بعض النصوص السريانية إلى العربية بحكم هذا الأخير كان يتقن عدة لغات. ثم عمل بها في العهد الأموي مع الأمير خالد بن يزيد بن معاوية بترجمة بعض كتب الطب والكيمياء من اليونانية إلى العربية. ثم ازدهرت بشكل واسع مع الخليفة المأمون حيث كان عهده موسوما بالترجمة من خلال مؤسسة بيت الحكمة.
ثم بعد ذلك تم استغلالها بشكل واسع في الغرب مع بداية عصر النهضة.
أول مصدر من مصادر العلوم الإسلامية تمت ترجمته من قبل الغرب؛ القرآن الكريم من خلال عدة مراحل:
– “المرحلة الأولى: من اللغة العربية إلى اللاتينية في القرن الحادي عشر الميلادي؛ بدأها فريق الترجمة الذي شكله بطرس المحترم والمكون من روبرت أوف تشستر وهرمان الدلماطي ومجموعة من العرب.
– المرحلة الثانية: من اللاتينية إلى اللغات الأوروبية.
– المرحلة الثالثة: من اللغة العربية مباشرة إلى اللغات الأوروبية عن طريق المستشرقين.
– المرحلة الرابعة: مرحلة دخول المسلمين ميدان الترجمة إلى اللغات الأوروبية من خلال عشرات اللغات كانت أكثر دقة من سابقتها الغربية”(1).
ظهور الحضارة الإسلامية وتفوقها العمراني وتوسعها الجغرافي إبان القرون الخمسة الأولى من تاريخ المسلمين استفز الغرب حيث كانوا يعانون من التخلف في العصر الوسيط المظلم؛ فبدأ عقلاؤهم يستاءلون عن سر تقدم المسلمين، من هنا بدأت عملية ترجمة المصادر الدينية والعلمية، فكانت البداية مع ترجمة القرآن ثم ترجمة التراث الإسلامي بشكل عام بما في ذلك كتب الحديث والسيرة والفقه..، والفلسفة مع ابن رشد، والطب مع أبي بكر الرازي، والجبر مع الخوارزمي، والبصريات مع ابن الهيثم، والأدب مع ابن طفيل وروايته حي بن يقظان..، إلى غير ذلك مما تمت ترجمته مع بداية النهضة، بعد ذلك استمرت عملية الترجمة حيث شملت عدة كتب من ضمنها مقدمة ابن خلدون وكتب ابن تيمية الفقهية والفلسفية من قبل الاستشراق الكلاسيكي.
ناهيك عن آلاف المخطوطات العربية لدى الغرب والتي ليست بحوزة العرب إلا القليل؛ سوف نتحدث عن ذلك بشيء من التفصيل في فقرة قادمة. وما تقدم ذكره على سبيل المثال لا الحصر.
الغرب درسوا التراث الإسلامي جيدا، فقاموا بغربلته وأخذوا منه كل ما له علاقة بالمعرفة والعلوم والعمران، وما دون ذلك مما له علاقة بالإيمان والكفر، والسنة والبدعة، والحلال والحرام، والجنة والنار، والولاء والبراء؛ جمعوه في منظومة ومرروه إلى بعض علماء المسلمين لنشره بين الشعوب على شكل جماعات وجمعيات وتنظيمات؛ قام بذلك المخابرات البريطانية (صناعة الحركة الوهابية والإخوان المسلمون)(2) واستأنفت العملية الاستخباراتية الولايات المتحدة (القاعدة وداعش..)، وعمل بها بعض حكام العرب حيث شكلوا جماعات دينية للتحكم في موازين القوى الداخلية (كل ذلك كان ضد التوجه اليساري إبان الحروب الباردة بين المعسكرين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي)؛ فعم ذلك العالم الإسلامي؛ التركيز على ما يفرق ولا يجمع، وما يدفع إلى الوراء ولا يقدم خطوة إلى الأمام، وما يزال كيد الاستعمار مستمرا إلى يومنا هذا؛ سياسة “الإلهاء والفرقة” كي يبقى الغرب محتكرا الصدارة الحضارية في شقيها المادي والمعنوي مستغلا ثروات المسلمين وعمالة حكامهم وسذاجة شعوبهم.
المراجع:
-1، ترجمة القرآن، ويكيبيديا.
– 2، مذكرات مستر همفر وصناعة الوهابية، ومذكرات جون كولمان وصناعة الإخوان المسلمون.