7 يوليو 2025 / 00:25

كيف ندافع عن القضية الفلسطينية من أفق الكونية؟

عز الدين العرب بناني

في خريف 2001 كنت قد استمعت إلى محاضرة إدوارد سعيد بمعهد الدراسات الديبلوماسية في فيينا بالنمسا، بمناسبة حصوله على إحدى أهم الجوائز النمساوية، تكريمًا له، بعد أن أساء إليه النمساويون في وقت سابق حينما قام بحركة أطفال الحجارة بصورة رمزية. لم يتحدّث إدوارد سعيد عن أعماله الفكرية، بقدر ما أنّه دافع بلغة العالم والمثقف والمناضل عن القضية الفلسطينية.
وقد تأكّدت لي أهمّية دفاع المثقفين والعلماء وكذلك الفنانين عن القضية الفلسطينية العادلة في المحافل الدولية وفي الفضاء العمومي بعدما أنشأ كل من إدوارد سعيد ودانييل بارنبوم أركسترا سمفونية تجمع العازفين من فلسطين والدول العربية، كما أنشأ بارنبوم “مؤسّسة بارونبوم ـــ سعيد، ديوان شرق ــ غرب ” في مدينة برلين من أجل تمويل دراسة الموسيقي للشباب الفلسطيني والعربي من شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
هذا أمثلة معروفة، وتُظهر أنَّ المثقفين من كلّ البلدان يشجبون الإبادة الجماعية والتجويع والتهجير القسري؛ وعليه، فإنَّ الضمائر الحية في العالم تنتصر للقضية الفلسطينية وللحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في دولة مستقلة تتمتع بالسلام والديمقراطية والحياة الكريمة.
دفاع المغاربة عن القضية الفلسطينية جزء من دفاع المجتمع الحقوقي الدولي ومنظومة الأمم المتحدة، والدليل على ذلك هو المنتظم الأممي قد تعرض للتهميش وتم منعه من توزيع المساعدات والمشاركة في الوساطة الدولية.
نحن نحتاج إلى سند قوي من المجتمع الحقوقي الدولي، لأننا جزء منه، ولأنَّ المبادئ التي نستند إليها في مناصرة القضية الفلسطينية هي كل الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان وقرارات مجلس الأمن بخصوص مسؤولية الدولة عن حماية السكان في القطاعات المحتلة.

يوجد عدميون يقولون: “أين هو القانون الدولي؟ أين هي حقوق الإنسان؟؟” لا وجود لحقوق الإنسان ولا للقانون الدولي:

عوض أن نتشبث بقوة بالمعايير الدولية، نعتقد عن جهل أنّها مجرَّدُ حبر على ورق.

ما هو اعتراضي على العدميّة؟

أستخرج حجة من كتاب هانس كيلزين (1934):

يقول إن التمييز بين القانون الوطني الخاص بدولة ما والقانون الدولي تمييز خاطئ. وحتى عندما نناقش مسألة سمو القوانين الدولية أو الوطنية، يصبح السؤال نفسه خاطئًا.
لماذا؟
لأنَّ القانون واحدٌ ويحظى بالاعتبار نفسه، سواءً كان محليًا أو دوليًّا، ما دامت الحكومة وقعت عليهما وصادق مجلس النواب عليهما كذلك. الاختلاف بين القانونين يظهر في اختلاف الجهة التي اقترحت المصادقة على القانون: قد تكون الجهة وطنية أو دولية، دون أن يؤثّر ذلك على قوة نفاذ القوانين.

وحتى حينما تعلق الأمر بوضع ميثاق الأمم المتحدة (1948) ساهم العرب في تحريره، بفضل حضور اللبناني شارل مالك.

توجد ثلاثة مشاكل:

أولا، هناك من يكفر بالمبادئ نفسها التي نحتاج إليها في الترافع لصالح القضية الفلسطينية.
ثانيا، هناك من يعتبر أن المبادئ الحقوقية إمّا أن تطبّق فعلا أو تظل مجرد أوهام؛ والحال أنّه ينسى أنَّ الترافع الجيد من أجل عدالة قضية العرب الأولى، عبر مسار طويل ومرير، إحدى الوسائل الناجعة لإقناع السياسييّن بعدالة القضية.
ثالثًا، بما أنَّ الباحثين والعلماء رجال فكر، وليسوا رجال سياسة، على الأقل حينما يحملون قبعة العلم، فإنَّ موقفهم من السياسيين يجب أن يظل نقديًّا على الدَّوام. العلاقة بين الحقوقي والسياسي متوترة، لأنَّ السياسي يضع أهدافا على المدى القريب لاستمالة الناخبين المحتملين، بينما يسكن الباحث برجًا عاجيًا بعيدًا عن هموم القضية الفلسطينية العادلة. بهذا المعنى، لا يفهم كثير من الناس كيف تخدم مؤسّسة بارونبوم ـــ سعيد الديوان شرق ــ غرب القضية الفلسطينية، من خلال الموسيقى؟
عزالعرب لحكيم بناني