ثريا ذاكر
كيف تنظر الحركات الإسلامية إلى العلاقات الدولية المعاصرة؟ وما الأدوار التي أدتها الجماعة في العلاقات الدولية منذ نشأتها عام 1928؟ ومن الذي استخدمها لتحقيق أهدافه الجيوسياسية؟ وفي أي سياق؟ ولماذا؟ وما مستقبل الحركة الإسلامية اليوم في مشهد العلاقات الدولية؟
هذه هي الأسئلة التي يحاول هذا الكتاب الإجابة عليها، وهو جماعي عرف مشاركة باحثين من عدة دول عربية، وتكمن أهمية الكتاب في أن المجتمعات العربية الحديثة والمعاصرة كانت إلى وقت قريب من أكثر المجتمعات في العالم التي تشهد حروبا وأزمات وانقسامات، وهي الإكراهات التي جعلت من بعض الحركات الإسلامية فاعلة في عدة محطات، سواء إيجابا كما جرى مع الغزو السوفياتي لأفغانستان، وانخراط أغلب الدول المسلمة في دعم تلك الجماعات، أو بالسلب كما حدث في مجموعة من الأزمات التي عرفها الوطن العربي إبان سنة 2011. وقد صدر الكتاب عن مركز تريندز للبحوث والاستشارات.
في الفصل الأول من الكتاب، أوضح محرره أن مسألة العلاقات الدولية لم تغب قط عن مشاغل جماعة الإخوان المسلمين، بوصفها جماعة سياسية بخلفية دينية، تروم أن يكون لها تأثير ودور في المشهد السياسي في مختلف أبعاده المحلية والإقليمية والدولية. وأوضح الفصل أن ما يميز الأيديولوجيا الإخوانية في تعاطيها مع مسألة العلاقات الدولية هو جمعها بين شتات من المفاهيم التي تتراوح بين ما يشي برغبة الجماعة الدفينة في تملك السلطان السياسي، وفي الهيمنة العابرة للحدود والأوطان، من منطلق أنها ترى أن دعوتها باسم الإسلام دعوة عالمية، تمتد لتشمل الإنسانية قاطبة بكل أجناسها وأعراقها وثقافاتها.
أما الفصل الثاني، فخلص إلى أن العديد من الأحداث الإقليمية والدولية ساهمت في خدمة الحركات الإسلامية، كما جرى على سبيل المثال بعد شتنبر 2001 عندما شرعت الولايات المتحدة الأمريكية في البحث عن بديل للجماعات الجهادية من خلال دعم الحركات الإسلامية السياسية، كما بين الفصل أن الدول الأوروبية شرعت خلال السنوات الأخيرة، في تعديل تعاملها مع الحركات الإسلامية بشكل مختلف مع التعامل السابق الذي فتح أبواب العمل الميداني أمام هذه الحركات.
أوضح الفصل الثالث كيف أصبحت الحركات الإسلامية بمختلف أشكالها راغبة في أن يكون لها دور في العلاقات الدولية، وخصوصا جماعة الإخوان المسلمين، وذلك من خلال الاتصال بقوى خارجية تساندها وتقدم لها الدعم السياسي والمادي والإعلامي، كما يدرس هذا الفصل من الكتاب طبيعة العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الأخرى، فيما يتعلق بالعلاقات الدولية، وما ينبثق عنها من قضايا وإشكاليات، ويوضح طبيعة العلاقة التي تربط بينهما: هل هي علاقة تكامل وتعاون؟ أم علاقة تنافس وصراع؟ ويوضح الفصل الرابع أهداف التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، وتطوره، وهيكله التنظيمي في أهم المناطق مثل أوروبا والولايات المتحدة، وأبرز قياداته، وكذلك دور التنظيم الدولي في العلاقات الدولية للجماعة على مر تاريخها، خصوصا إبان سنة 2011 للدفع بالجماعة إلى صدارة المشهد، بوصفها التنظيم السياسي الوحيد القادر على الوصول إلى السلطة.
وأخيرا، سلط الفصل الخامس الضوء على أهم الديناميات التي قلصت من الدور الإخواني في العلاقات الدولية. بالإضافة إلى أن الفصل يختبر فرضية تراجع وزن جماعة الإخوان من معادلات العلاقات الدولية، بسبب المشاكل التنظيمية التي تمر منها أو بسبب تباين تعامل الدول العربية معها.