أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أن المالية التشاركية في المغرب بلغت مرحلة جديدة تتطلب رؤية متقدمة للتعامل مع التحديات الحالية ورسم معالم مستقبل أكثر توازنا لهذا الورش المالي.
جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح المنتدى الثالث والعشرين حول الاستقرار المالي للمؤسسات المالية الإسلامية، المنعقد اليوم بالرباط.
وأشار التوفيق إلى أن المغرب اختار، منذ نحو عقد، نهجا مؤسساتيا يجمع بين بنك المغرب والمجلس العلمي الأعلى، ما أتاح تفاعلا بين القطاع البنكي والضوابط الشرعية.
وقد ساهم هذا التنسيق، حسب الوزير، في خلق انفتاح مزدوج: البنكيون تقبلوا المرجعية الفقهية، والفقهاء انفتحوا على واقع المعاملات الحديثة التي لم تكن مألوفة لديهم.
وأوضح الوزير أن اختيار المغرب لمصطلح “المالية التشاركية” بدل “المالية الإسلامية” لم يكن اعتباطيا، بل تجنبا لأي تأويل يفيد أن باقي المعاملات البنكية خارجة عن إطار الشرع.
وأضاف أن المغرب انخرط في هذه التجربة من منطلق التوافق مع مقاصد الشريعة، خصوصا في بعدها التعاقدي، مشددا على أن الاجتهاد ظل حاضرا في صياغة الأطر العملية لهذا النمط المالي.
واستعرض التوفيق تاريخ مساهمة المسلمين في تطوير آليات التبادل المالي، وإبداعهم في مجال فقه النوازل المرتبطة بالأموال.
كما أبرز خصوصية النظام السياسي المغربي القائم على إمارة المؤمنين، حيث ظل مبدأ حفظ المال أحد أركان الكليات الشرعية، تجسده الممارسات الرقابية التقليدية كالاحتساب ومراقبة الأسواق، إلى جانب القوانين الحديثة التي تصدر باسم المصلحة العامة، شريطة عدم تعارضها مع النصوص القطعية.
وفي خضم النقاش الدائر حول التحديات التي تواجه المالية التشاركية، دعا التوفيق إلى تجاوز الأسئلة النظرية، والتركيز الواقعي والبراغماتي على ما تفرضه المرحلة من مقتضيات عملية، انسجاما مع روح برنامج المنتدى.
ويأتي هذا المنتدى في سياق الاجتماعات السنوية لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، تحت شعار “معالجة نقاط الهشاشة الهيكلية وبناء القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية”، بمشاركة محافظي بنوك مركزية ومسؤولين من هيئات تنظيمية دولية، إلى جانب خبراء وفاعلين في قطاع المالية الإسلامية، بهدف مناقشة آفاق تعزيز الاستقرار والنمو المستدام في هذا القطاع الحيوي.