1 يوليو 2025 / 12:19

سعد الدين بوخريص: شروحات لأرجوزة أبي فارس عبد العزيز اللمطي

سعد الدين أحمد بن إدريس بوخريص

نص المداخلة الخاصة باليوم الثامن والعشرون من الدورة التكوينية الثانية في السيرة النبوية الشريفة ودروس الشروحات《لكتاب الدرس أرجوزة》لأبي فارس عبد العزيز اللمطي المكناسي رحمه الله.

إنه يوم الاربعاء الثامن والعشرون من شهر ذي الحجة لسنة 1446هجرية.

******************

نبدة مختصرة عن ترجمة الناظم رحمه الله، صاحب المنظومة التي نقوم على شرحها بما يسر الله لنا وهي “قرة الأبصار في سيرة الشفيع المختار”:

هو العلامة البحر الفهامة سيدي أبو فارس عبد العزيز بن عبد الواحد اللمطي المكناسي المغربي ثم المدني المالكي صاحب نظم الجواهر في التفسير. هذا العلامة الأديب المالكي فاضت قريحته بنظم جملة من علوم القرآن الكريم، ولم تسعفنا المصادر عن نشأته وشيوخه، إلا أن مولده كان بفاس وتتلمذ على يد مشايخها قبل أن يرحل إلى الشام، واستقر بالمدينة النبوية إلى أن توفي بها. لم نقف على شيوخه إلا أن أبرز أساتذته ممن كان لهم فضل كبير في تكوينه هو العلامة الشيخ أبو العباس أحمد بن علي بن قاسم الزقاق (ت932هـ). وعنه أخذ خلق كثير: محمد بن عمر السفيري الشافعي (ت956هـ)، أبو عبد الله اليسيتني (ت959هـ) يقول أحمد المنجور (ت995هـ): الفقيه المتفنن المحقق، كان آية في التوسع في العلوم والتفنن فيها. وقال التنبكتي (ت991هـ): الإمام العالم العلامة المتفنن الفصيح الناظم الناثر. وقال صاحب شذرات الذهب ابن العماد (ت1089هـ): الإمام الأديب شيخ القراء بالمدينة المنورة، كان فاضلا، علامة، متفننا شاعرا، دمث الأخلاق، كثير التواضع. وكان رحمه الله شاعرا مجيدا له قصائد كثيرة منها قوله:

ذوو المناصب إمّا أن يكون لهم ******* نصب وإلّا فهم فيها ذوو نصب

فلا تعرّج عليها ما بقيت وكن ******* بالله محتسبا في تركها تصب

لا سيما منصب القاضي فإنك إن ******* تزغ عن الحقّ فيه كنت ذا عطب

فإن قضى الله يوما بالقضاء أخي ******* عليك فاعدل ولكن لا إلى الذّهب

******************

وقدم دمشق بعد أن زار بيت المقدس من جهة المدينة في سنة إحدى وخمسين، وأنشد:

قالوا دمشق جنّة زخرفت ******* من كل ما تهوى نفوس البشر

أما ترى الأنهار من تحتها ******** تجري فقلت مجاوبا: بل سقر

لأنها حفّت بما يشتهى ******* فهي إذا نار كما في الخبر

له عدة منظومات في علوم شتّى، وجلها متون علمية، وهذا يدل على حرصه على نشر العلم وتقريبه لطلبته؛ منها: «نظم جواهر السيوطي في علم التفسير» ألفية في النحو، ضاهى بها ألفيه ابن مالك، تحفة الأحباب «منهج الوصول ومهيع السالك للأصول» في أصول الدّين، و«درر الأصول في أصول الفقه» و«نتائج الأنظار ونخبة الأفكار» في الجدل، و«نظم العقود في المعاني والبيان» و«تحفة الأحباب» في الصّرف، و«غنية الإعراب» في النحو، و«نزهة الألباب في الحساب» و«الدّر في المنطق». وتوفي بالمدينة المنورة، رحمه الله تعالى في سنة 964هـ.

******************
ديباجة الموضوع: من فوائد العلماء الأعلام

الفصل الاخير من خصائص السيرة النبوية الاستيعاب :
مبعث النبي المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه.

من أقوال العلماء
مفهوم البعثة أحداث البعثة اهتمّ العلماء بسيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- وبالأحداث التي مرّ بها في حياته، ومن هذه الأحداث بدء نزول الوحي عليه، وكان ذلك لمّا بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- الأربعين من عمره، وهو السن الذي يكون الإنسان فيه قد بلغ سن الكمال والرشد. قد بدأت آثار النبوّة تظهر على النبي بالرؤيا الصادقة، فكان النبي لا يرى الرؤيا إلا وتتحقّق مثلما جاءت، وبقيت هذه الفترة مدة ستة أشهر، وبعد هذه الفترة نزل الوحي جبريل على النبي وأنزل عليه قرآناً وهو في غار حراء وكان عمره -صلّى الله عليه وسلم- حينها أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، واثنا عشر يوماً.[1]

قال له جبريل -عليه السلام-: اقرأ، فقال النبي: ما أنا بِقارئ، وكرّرها على النبي ثلاث مرات، وبعدها قال له: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،[2]

فرجع النبي إلى زوجته خديجة خائفاً مرتجفاً، وأخبرها بما رأى وشاهد في غار حراء، ورؤيته لجبريل، فقالت له: “كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلَّ، وتُعين على نوائب الدهر”، ومدحته بصفات كثيرة وطمأنته. ثم ذهبت السيدة خديجة بالنبي إلى ابن عمها ورقة بن نوفل لتُخبره بما حصل مع النبي؛ لأنه كان نصرانياً وعنده علم بالكتب السابقة، فقال لها: إن كان حقاً ما قلتِ فهو الناموس الأكبر الذي نزل على موسى، وإنه نبي هذه الأمة، وبعد فترة من هذا الحدث تأخّر نزول الوحي على النبي فاغتمّ لذلك وبقي ينتظر الوحي، وبقي النبي على هذه الحالة مدة طويلة، وبعد ذلك رأى جبريلاً جالساً على كُرسيٍّ بين السماء والأرض وبشّره بالنبوة. فخاف النبي من رؤيته ورجع إلى خديجة وهو يقول: زمّلوني، دثّروني، فأنزل الله عليه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)،[3]

فكانت هذه الآية نداءً للنبي -صلى الله عليه وسلم- لحمل التّكليف بمهمّة دعوة الناس إلى الإسلام.[4][5] للمزيد من التفاصيل عن أول سورة نزلت على النبي الاطّلاع على مقالة: (أول سورة نزلت على الرسول).

ولمّا بدأ النبي بدعوته كان أول من أسلم معه زوجته خديجة، فصدّقته بما جاء به من ربّه، وناصرته لتُخفّف عنه ما يلاقيه وما يكرهه ممن رفضوا دعوته وكذبوا بها، ثم أسلم أبو بكر وحمل همّ الدعوة مع النبي وسخّر كل ما يملك لخدمة الدين والنبي. ثم أسلم علي بن أبي طالب وكان عمره عشر سنين، ثم أسلم زيد بن حارثة، فأسلم معه عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فكان هؤلاء الثمانية من السابقين إلى الإسلام والتصديق بالنبي.[4]

الدعوة السرية

بدأ النبي دعوته في مكة المكرمة، وقد مرّت الدعوة فيها بمرحلتين، الأولى: المرحلة السرّية، والثانية: المرحلة الجهرية، وكان لكل مرحلةٍ ظروفها الخاصة بها، ولكن في كلا المرحلتين واجهت الدعوة الكثير من المعاداة والمعارضة من المشركين للإسلام.

فأما المرحلة السرّية فكانت مقتصرةً على أهل بيت النبي، بالإضافة إلى كل من توسّم النبي فيه الخير، فكان النبي يأخذهم إلى دار الأرقم؛ ليعلّمهم القرآن، ويخبرهم بِما ينزل عليه من الوحي؛ ليكونوا على اطّلاع بكل الأوامر الربانية، ولتعليم الناس المقاصد الربانية في بناء المجتمع، فانتشر الإسلام في مكة وخارجها.

وكانت الغاية من السرية في هذه المرحلة من مبدأ الأخذ بالأسباب لأجل ألا يعرّضوا أنفسهم للمواجهة مع قريش وهم قلّة مُستضعفة، ومن باب التدرّج في الدعوة والبدء بالأقرب والأهم، واستمرّت المرحلة السرية قرابة الثلاث سنوات، حتى أمر الله نبيّه بالجهر بها،[6]

وكان عدد الذين أسلموا مع النبي في هذه المرحلة أربعين رجلاً وامرأة واحدة.[7] للمزيد من التفاصيل عن الدعوة السرية الاطّلاع على مقالة: (كم كانت مدة الدعوة سراً).

الدعوة الجهرية

أمر الله نبيّه بالجهر بالدعوة بعد أن كان من الصعب على المشركين القضاء على الإسلام، خاصة أن غالبية الذين أسلموا من قبائل مختلفة، وأن معظمهم من أشراف القوم، ففي بداية هذه المرحلة جاء الأمر من الله للنبي بإيصال هذا الدين إلى أقربائه، لقوله تعالى: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)،[8] وليكون أيضاً نوعاً من التدرّج في تبليغ رسالة الإسلام، وليكونوا معه ويحموه من باقي عشائر قريش.

ثم جاء الأمر الإلهي للنبي بتوسيع دعوته لتشمل قريش بكل عشائرها، فصعد النبي على جبل الصفا ونادى على كل بطون عشيرته ليخبرهم بأنه نبي، وقالَ: (أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لكَ سَائِرَ اليَومِ، ألِهذا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: (تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وتَبَّ ما أغْنَى عنْه مَالُهُ وما كَسَبَ)).[9]

وأما عمّه أبو طالب فقد وقف معه وسانده في دعوته على الرغم من أنه لم يُؤمن، وترافق مع الأمر بالجهر بالدعوة الأمر بعدم التعرّض للمشركين بالقتال أو الصدام؛ كي لا يتم استئصال الدعوة وهي في بدايتها، قال تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ).[10][11] للمزيد من التفاصيل عن الدعوة الجهرية الاطّلاع على مقالة: ((ما هي الدعوة الجهرية)). وللمزيد من التفاصيل عن مراحل دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الاطّلاع على مقالة: (مراحل الدعوة الإسلامية).

مفهوم الوحي يبلّغ الله أنبياءه رسالته وأوامره عبر طرقٍ عديدةٍ ذُكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ويمكن حصرها بثلاث طرقٍ ذكرها الله تعالى في قوله: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)،[12]وهي: الوحي: يُطلق الوحي على الكتاب، ويُطلق أيضاً على الإشارة، والرسالة، والكتابة، والإلهام، والكلام الخفي، وكل ما يلقيه الإنسان على غيره، ويُقال أوحى إليه أي كلّمه بكلامٍ خفي،[13]

وأما الوحي بالمعنى الشرعي: فهو إخبار الله لمن اختارهم من عباده بكل ما أراد أن يُطلعهم عليه من أنواع الإعلام والهدى، وهذا الوحي يكون بطريقةٍ خفيّة سريّة وغير معلومة للبشر الآخرين، وهذا الوحي يأتي على عدّة أشكال، فقد يكون كلاماً بين الله وعبده؛ كموسى عليه السلام، وقد يكون إلهاماً يقذفه الله في قلب النبي فلا يستطيع دفعه، ولا يتطرّق إليه الشك به، وقد يكون عن طريق المنام، وقد يكون بواسطة جبريل -عليه السلام- وهو أمين الوحي، وهذا النوع هو أشهرها، والقرآن كله من قبيل هذا النوع.

وقد جاء لفظ الوحي وأنواعه في القرآن في أكثر من سبعين موضعاً، كلها تدور حول معنى الإعلام الخفي السريع.[14] كلام الله لنبيّه مُباشرة، وبِدون واسطة، فَيُكلِّمه من وراء حِجاب، وأما كيفيّة التكليم فهي من أُمور الغيب التي لم يأتي دليلٌ صريحٌ على بيانها، إذ يسمع النبي كلاماً مفهوماً ولكن من غير أن يرى ربّه، قال تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا).[15]

إرسال الله ملكاً من عنده لنبيّه، وقد يأتي هذا الوحيُ للنبيّ بصورته الملائكية التي خلقه الله عليها، وقد رأى النبي جبريل على صورته الملائكية في ليلة الإسراء والمعراج، أو قد يأتي بصورة رجل يراه النبي ومن عنده ويحسّون به، وقد ينزل الوحي على النبي دون أن يراه؛ حيث يأتيه على هيئة التنزّل الروحي على القلب.[16]

علامات نبوة النبي

قبل وبعد البعثة يمهّد الله تعالى لنبيه وللناس من حوله مسألة بعثته بعدّة مبشّرات أو معجزات تؤذن بقرب النبوّة إن كانت قبل البعثة، أو تدلّ على صدق النبي إن كانت بعد بعثته، ومن هذه العلامات: علامات النبوة قبل البعثة أرسل الله نبيّه محمد بعد انقطاع الرُسل لفترةٍ مؤقّتة، انتشر فيها الشرك، والخرافة، والجهل، فأنار الله بدعوته القلوب والعقول، ولكن قبل مبعث النبي كانت هناك علامات ودلائل تشير إلى نبوّته وتسمى بالإرهاصات، منها:[17][18]

نزول البركة في بيت مُرضعته حليمة السعدية، كحصول الخير والبركة في المكان الذي ترعى به غنمها دون بقية الأماكن. حادثة شق صدر النبي وتطهيره من حظ الشيطان، عندما جاءه ملكان فشقّا قلبه واستخرجاه وغسلاه بماء زمزم. استسقاء جده عبد المطلب به في حالة القحط والجدب، وإجابة الله تعالى له. تبشير الكتب السماوية به وإيرادها لصفاته، ومن أهم صفات النبي الواردة في الكُتب السماوية السابقة:[19]

ما جاء في سفر التثنية أن موسى -عليه السلام- أخبر قومه قبل موته بأن النبوّة ستشرق في جبل فاران، وسيخرج منها نبي كما جاءته على جبل الطور، وكان المقصود نبي الله مُحمد وذلك لأن جبل فاران هو مكة المُكرمة. ما جاء في سفر النبي إشعيا، فقد توعّد فيه بني إسرائيل الذين يُحرّفون كتاب الله ولا يلتزمون بشريعته بالنبي الأُمّي صاحب الكتاب الخاتم، فيقول في الإصحاح التاسع والعشرين: “أو يُدفع الكتاب لمن لا يعرف الكتابة ويقال له: اقرأ هذا، فيقول: لا أعرف القراءة”، فأشار ذلك إلى لحظة نزول الملك جبريل عليه وهو في غار حراء الذي عرفه ورقة بن نوفل أنه الوحي أو الناموس الذي ينزل على الأنبياء فقط. ما جاء على لسان هِرقل ملك الروم عندما سأل أبا سُفيان عن النبي، فوجد جميع الصفات التي ذُكرت عندهم في الكُتب السابقة مُطابقة لصفات النبي، مثل أن أتباعه من الضُعفاء، ولا يكذب، ويأمُر بعبادة الله وحده، وعدم الإشراك به، والصدق، والأمانة، وأنه ذو نسب في قومه، وأن أتباعه يزيدون ولا ينقصون، وأنه لا يغدر. ما جاء على لسان النجاشي لما سمع من جعفر عن رأي الإسلام في المسيح ابن مريم، فنطق الشهادتين وقال لمن حوله: إنه النبي الذي بشر به عيسى ابن مريم. سلام الحجر والشجر عليه أثناء سيره في مكة. تظليله بالغمام في وقت الظهيرة أثناء رحلته إلى الشام. علامات النبوة بعد البعثة إن العلامات التي ظهرت على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد بعثته كثيرة، وتُسمّى بالمُعجزات، منها: القُرآن الكريم وهذه أعظم علامة تدُل على صدق النبي، فهي المُعجزة الباقية إلى قيام الساعة، فهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل، أنزله على النبي مُحمد وتحدّى به العرب فلم يستطيعوا مُقابلة هذه المُعجزة أو الإتيان بمثلها.[٢٠] للمزيد من التفاصيل عن أهمية القرآن الكريم الاطّلاع على مقالة: (أهمية القرآن الكريم).

وقوع الأصنام بمجرد إشارته إليها فقد ذكر الصحابة أن النبي يوم فتح مكة كان كلّما أشار إلى صنمٍ من الأصنام التي حول الكعبة سقط مع أنه مثبّت بالرصاص والحديد. تسبيح الحصى في كفّه روى عددٌ من الصحابة مجموعةً من الأحاديث تُبيّن تسبيح الحصى في يد النبي، فقد أخذ النبي ذات يوم سبع حصيات فسبّحن في يده، ووجه الإعجاز في ذلك أنه أمرٌ خارقٌ للعادة سماع صوت الجمادات، ومثلها تسبيح الطعام. ذكر الصحابة: (كُنَّا مع رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ، فَقَلَّ المَاءُ، فَقالَ: اطْلُبُوا فَضْلَةً مِن مَاءٍ فَجَاؤُوا بإنَاءٍ فيه مَاءٌ قَلِيلٌ فأدْخَلَ يَدَهُ في الإنَاءِ، ثُمَّ قالَ: حَيَّ علَى الطَّهُورِ المُبَارَكِ، والبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ فَلقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِن بَيْنِ أصَابِعِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وهو يُؤْكَلُ)،[٢١] وقد عدّ العلماء هذه المُعجزة أعظم من مُعجزة موسى في قلب العصا إلى حية. نبع الماء بين أصابع النبي وقصة ذلك أن النبي أراد أن يُصلّي العصر فلم يجد الماء، فجيء له بإناء، وتوضّأ منه كُل من كان موجوداً، فقال بعض الصحابة: رأيت الماء ينبع من تحت أصابع النبي، وهذه المُعجزة تكرّرت مع النبي في أكثر من موطن. الإسراء والمعراج فقد أُسري بالنبي من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى، وعرج إلى السماوات العلى ورجع إلى مكة في نفس الليلة. وقد شاهد النبي الكثير من المشاهد في هذه الرحلة، مثل البُراق وهي الدابة التي تحمل الأنبياء، ورأى في بيت المقدس عدداً من الأنبياء كإبراهيم، وموسى، وعيسى، وأصنافاً من نعيم الجنة، وألواناً من عذاب أهل النار، وفرَض الله عليه الصلوات الخمس، وقد فُرضت في بداية الأمر خمسين صلاة حتى خُفّفت فأصبحت خمساً في العمل وخمسين في الأجر. للمزيد من التفاصيل عن حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- الاطّلاع على مقالة: (بحث عن حياة الرسول منذ مولده حتى وفاته).

******************

اللهم إني أسألك بنور وجه الله العظيم، الذي ملأ أركان عرش الله العظيم، وقامت به عوالم الله العظيم، أن تصلي على مولانا محمد ذي القدر العظيم، وعلى آل نبي الله العظيم، بقدر عظمة ذات الله العظيم، فى كل لمحة ونفس، عدد ما فى علم الله العظيم، صلاة دائمة بدوام الله العظيم، تعظيما لحقك يا مولانا يا محمد، يا ذا الخلق العظيم، وسلِّم عليه وعلى آله مثل ذلك، واجمع بيني وبينه كما جمعت بين الروح والنفس ظاهرا وباطنا، يقظة ومناما، واجعله يا رب روحا لذاتي من جميع الوجوه، في الدنيا قبل الآخرة، يا عظيم.